الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
، وأشار للركن الثالث بقوله ( بمنفعة ) متعلق بأجر والباء بمعنى في ، أي صحت الإجارة بعاقد ، وأجر في مقابل منفعة لها شروط أشار لها بقوله ( تتقوم ) أي لها قيمة شرعا لو تلفت احترازا عن رائحة الرياحين ونحوها فلا يجوز استئجارها للشم ، وكذا البساتين ونحوها للفرجة والدنانير ونحوها لتزيين الحوانيت ، والجدران للاستظلال ، والسراج للاستصباح ، وكذا آلات اللهو وتعليم الأنغام إذ لا قيمة لها شرعا فلا تصح إجارة ما ذكر وتفسخ إن وقعت ، ولا أجرة ( قدر على تسليمها ) فلا يجوز استئجار آبق أو بعير شارد أو شيء غير مملوك للمؤجر [ ص: 20 ] أو بعيد غيبة ونحو ذلك ( بلا استيفاء عين ) أي ذات ( قصدا ) احترازا عن نحو استئجار شجر لأكل ثمره واستثنى من ذلك مسألة الظئر للرضاع ( ولا حظر ) احترز به عن استئجار شخص لعصر خمر أو رقص ونحو ذلك من كل منفعة محرمة ( و ) بلا ( تعين ) يأتي بيانه ، ومحترزه ( ولو مصحفا ) للقراءة فيه فيصح إجارته لها ويجوز ابتداء خلافا لابن حبيب ( و ) لو ( أرضا غمر ) أي كثر ( ماؤها وندر انكشافه ) هو محل المبالغة إذ لو كان شأنها الانكشاف فلا نزاع في الجواز كما أنه لا نزاع في المنع إذا كانت لا تنكشف ( و ) لو ( شجرا لتجفيف ) لنحو ثياب ( عليها ) ; لأن الانتفاع بها على هذا الوجه مما تتأثر به وينقص قوتها فهي منفعة تتقوم . وقوله : ( على الأحسن ) يغني عنه المبالغة .

التالي السابق


( قوله : تتقوم ) بفتح التاءين معا ; لأن الفعل لازم لا يبنى للمجهول ( قوله : أي لها قيمة شرعا لو تلفت ) أي لكونها مؤثرة ( قوله : ونحوها ) أي كالتفاح والمسك والزباد . وقوله : فلا يجوز استئجارها للشم أي ; لأن شم رائحة ما ذكر لا قيمة له شرعا ; لأنه لا يؤثر في ذلك المشموم والتأثير فيه إن وجد إنما هو من مرور الزمن عليه ( قوله : والسراج للاستصباح ) أي وكذا لا يجوز كراء شمع للمشي به في الزفاف من غير قيد كالمسمى في مصر بشمع القاعة ( قوله : قدر على تسليمها ) أي حسا أو شرعا فقوله : فلا يجوز استئجار آبق أو بعير شارد وبعيد غيبة محترز الأول ، ومثله استئجار الأخرس للتكلم والأعمى للكتابة ، وأشار المحترز الثاني بقوله أو شيء غير مملوك للمؤجر وقد يقال لا حاجة لقولنا وشرعا للاستغناء عنه بقول المصنف الآتي ، ولا حظر فالأولى للشارح حذف محترزه من هنا [ ص: 20 ] قوله : بلا استيفاء عين قصدا ) أي حالة كون المنفعة ملتبسة بعدم استيفاء عين قصدا ، وهذا صادق بأن لا يكون هناك استيفاء عين أصلا أو كان هناك استيفاء عين من غير قصد فالأولى كإجارة دابة لركوب أو حمل والثاني كإجارة الشجر للتجفيف عليها وكإجارة الشاة للبن فإن فيه استيفاء عين ، وهو ذهاب شيء منها بالاستعمال لكن ذلك غير مقصود . ( قوله : استئجار شجر لأكل ثمره ) أي أو شاة لأخذ نتاجها أو صوفها ( قوله : مسألة الظئر للرضاع ) وكذا مسألة استئجار أرض فيها بئر أو عين ، ومسألة استئجار شاة للبنها إذا وجدت الشروط كما يأتي فإن فيها استيفاء عين قصدا ، وهو اللبن والماء ( قوله : ولا حظر ) بالظاء المعجمة أي منع أي وحالة كون المنفعة ملتبسة بعدم الحظر ( قوله : ونحو ذلك من كل منفعة محرمة ) أي كاستئجار حائض أو جنب أو كافر لكنس مسجد كما يأتي وكالاستئجار على استصناع آنية من نقد ( قوله : وبلا تعين ) أي وحال كون المنفعة ملتبسة بعدم التعين على المؤجر فلا تصح الإجارة على صلاة الصبح مثلا ( قوله : ولو مصحفا ) مبالغة في الصحة إذا توافرت الشروط كما أشار له الشارح أي تصح الإجارة إذا توفرت شروطها هذا إذا كان المستأجر غير مصحف بل ، ولو كان مصحفا .

( قوله : خلافا لابن حبيب ) حيث قال بمنع إجارته لا بيعه ; لأن إجارته كالثمن للقرآن وبيعه ثمن للورق والخط ، وقد رد المصنف عليه بلو لكن مقتضى الرد عليه أن تكون المبالغة في الجواز وحينئذ فهو مبالغة في محذوف فكأنه قال وتجوز الإجارة إذا توافرت الشروط هذا إذا كان المؤجر غير مصحف بل ، ولو كان مصحفا ، ومحل جواز إجارته إذا لم يقصد المؤجر بإجارته التجر ، وإلا كرهت .

( قوله : ولو أرضا غمر ماؤها ) أي كثر ماؤها حتى علاها ، ومحل الجواز إذا لم يحصل نقد الأجرة بشرط بأن لم يحصل نقد أصلا أو حصل تطوعا ، وأما لو حصل النقد بشرط فسد العقد هذا هو الصواب كما في بن خلافا لما في عبق من أنه متى حصل النقد ، ولو تطوعا منع




الخدمات العلمية