الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5157 (8) باب

                                                                                              لا تقوم الساعة حتى تفتح قسطنطينية ، وتكون ملحمة عظيمة ، ويخرج الدجال ويقتله عيسى ابن مريم .

                                                                                              [ 2801 ] عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق - أو : بدابق - فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ ، فإذا تصافوا قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم ، فيقول المسلمون : لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا ، فيقاتلونهم ، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا ، ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ، ويفتتح الثلث لا يفتنون أبدا ، فيفتتحون قسطنطينية ، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان : أن المسيح قد خلفكم في أهليكم ، فيخرجون ، وذلك باطل ، فإذا جاؤوا الشأم خرج ، فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة ، فينزل عيسى ابن مريم عليه السلام ، فآمهم ، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء ، فلو تركه لانذاب حتى يهلك ، ولكن يقتله الله بيده ، فيريهم دمه في حربته .

                                                                                              رواه مسلم (2897) .

                                                                                              [ ص: 231 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 231 ] و (قوله : " تنزل الروم بالأعماق ، أو بدابق ") الأعماق : جمع عمق - بضم العين وفتحها - : وهي ما بعد من أطراف المفاوز . قال رؤبة :


                                                                                              وقاتم الأعماق خاوي المخترق

                                                                                              ودابق : اسم بلد ، والأغلب عليه التذكير والصرف ; لأنه في الأصل نهر . قال الراجز :


                                                                                              بدابق وأين مني دابق

                                                                                              وقد يؤنث ولا يصرف ، وهو بفتح الباء . وكذا وجدته مقيدا مصححا في كتاب الشيخ ، ويقال بالكسر فيما أحسب .

                                                                                              و ( قول الروم : " خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا ") الرواية الصحيحة بفتح السين والباء ; أي : الذين أصابوا منا سبيا ، وقد قيده بعضهم بضم السين والباء ، وليس بشيء ; لأن قول المسلمين في جوابهم : لا والله ما نخلي بينكم وبين إخواننا . يعنون : أنهم منهم في الأنساب والدين ، فلو أن الروم طلبوا من سبي منهم لما قالوا لهم ذلك مطلقا . والله تعالى أعلم .

                                                                                              [ ص: 232 ] و (قوله : " فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا ; لأنهم فروا من الزحف ، حيث لا يجوز لهم الفرار ، فلا يتوب الله عليهم ; أي : لا يلهمهم إياها ، ولا يعينهم عليها ، بل : يصرون على ذنبهم ذلك ولا يندمون عليه . ويجوز أن يكون معنى ذلك : أنه تعالى لا يقبل توبتهم وإن تابوا ، ويكونون هؤلاء ممن شاء الله ألا تقبل توبتهم لعظيم جرمهم .

                                                                                              و (قوله : " إن المسيح قد خلفكم في أهليكم ") كذا الرواية الجيدة مخففة اللام بغير ألف ، أي : بشر . يقال : خلفك الرجل في أهلك بخير أو بشر ، وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم : " من خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا " وقد رواه بعضهم : خالفكم ، والأول أجود ، لأن خالف يتعدى بـ (إلى) ، وخلف يتعدى بـ (في) ورد خالف إلى خلف يجوز . وقد تقدم القول في اسم المسيح في كتاب الإيمان ، وسيأتي الكلام في الدجال .




                                                                                              الخدمات العلمية