الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ذكر خبر أوهم عالما من الناس أن المسلمين إذا اشتركا في قتل قتيل كان الخيار إلى الإمام في إعطاء أحدهما سلبه دون الآخر

                                                                                                                          4840 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، قال أخبرنا يحيى بن يحيى عن يوسف بن الماجشون عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه ، [ ص: 172 ] عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : بينا أنا واقف بين الصف يوم بدر نظرت عن يميني وعن شمالي ، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار ، فبينا أنا كذلك ، إذ غمزني أحدهما ، فقال : أي عم ، هل تعرف أبا جهل بن هشام ؟ فقلت : نعم ، وما حاجتك إليه ، يا ابن أخي ؟ فقال : أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذي نفسي بيده ، لو رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا ، قال : فأعجبني قوله ، قال : فغمزني الآخر ، وقال مثلها ، فلم أنشب أن رأيت أبا جهل يجول بين الناس ، فقلت لهما : هذا صاحبكما الذي تسلاني عنه ، فابتدراه ، فضرباه بسيفيهما فقتلاه ، ثم أتيا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبراه بما صنعا ، فقال : أيكما قتله ؟ فقال كل واحد منهما : أنا قتلته ، فقال : هل مسحتما سيفيكما ؟ قلنا : لا ، قال : فنظر في السيفين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كلاكما قتله ، ثم قضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح ، قال : والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ، ومعاذ بن عفراء .

                                                                                                                          [ ص: 173 ] قال أبو حاتم رضي الله عنه : هذا خبر أوهم جماعة من أئمتنا أن سلب القتيل إذا اشترك النفسان في قتله يكون خياره إلى الإمام ، بأن يعطيه أحد القاتلين ، من شاء منهما ، وكنا نقول به مدة ، ثم تدبرنا ، فإذا هذه القصة كانت يوم بدر ، وحينئذ لم يكن حكم سلب القتيل لقاتله ، ولما كان ذلك كذلك كان الخيار إلى الإمام ، أن يعطي ذلك أيما شاء من القاتلين ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في سلب أبي جهل حيث أعطاه معاذ بن عمرو بن الجموح ، وكان هو ومعاذ بن عفراء قاتليه ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : من قتل قتيلا فله سلبه ، فكان ذلك يوم حنين ، ويوم حنين بعد بدر بسبع سنين ، فذلك ما وصفت على أن القاتلين ، إذا اشتركا في قتيل كان السلب لهما معا .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية