الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويد الوكيل يد أمانة ، وإن كان بجعل ) لأن يده نائبة عن يد الموكل ولأنه عقد إحسان والضمان منفر عنه ( فإن تعدى ضمن ) كسائر الأمناء ومن التعدي أن يضيع منه المال ولا يدري كيف ضاع ، أو وضعه بمحل ثم نسيه ( ولا ينعزل بتعديه ) بغير إتلاف الموكل فيه ( في الأصح ) لأن الأمانة حكم من أحكام الوكالة فلا يلزم [ ص: 334 ] من ارتفاعه بطلانها بخلاف الوديعة فإنها محض ائتمان فارتفعت بالتعدي إذ لا يمكن مجامعتها له وبحث الأذرعي وغيره انعزاله إذا وكله الولي عن محجوره لمنع إقرار مال المحجور في يد غير عدل ويؤخذ من علته أن الانعزال إنما هو بالنسبة لإقرار المال بيده لا لمجرد تصرفه الخالي عن ذلك إذا وقع على وفق المصلحة إذ الذي يتجه أن محل ما مر من منع توكيل الفاسق في بيع مال المحجور ما إذا تضمن وضع يده عليه وإلا ، فلا وجه لمنعه من مجرد العقد له وهذا الذي ذكرته من التفصيل والحمل أولى من إطلاق شيخنا أن ما قاله الأذرعي وغيره مردود ؛ لأن الفسق لا يمنع الوكالة فتأمله ويزول ضمانه عما تعدى فيه بيعه وتسليمه ولا يضمن ثمنه ؛ لأنه لم يتعد فيه فإن رد عليه بعيب مثلا بنفسه أو بالحاكم عاد الضمان

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وبحث الأذرعي وغيره . . إلخ ) نقله في شرح الروض عن الأذرعي وغيره ثم قال وما قالوه مردود ؛ لأن الفسق لا يمنع الوكالة ، وإن منع الولاية نعم الممنوع إبقاء المال بيده . ا هـ . ( قوله : إذ الذي يتجه أن محل ما مر . إلخ ) هذا خلاف ظاهر كلامهم ويغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء م ر ( قوله أولى من إطلاق شيخنا أن ما قاله الأذرعي وغيره مردود . إلخ ) لا يقال الشيخ لم يطلق ؛ لأن قوله : وما قالوه أي الأذرعي وغيره مردود ؛ لأن الفسق لا يمنع الوكالة ، وإن منع الولاية نعم الممنوع إبقاء المال بيده مصرح بذلك التفصيل فإن قوله : لأن الفسق . إلخ مصرح ببقاء الوكالة وقوله نعم . إلخ مصرح بأنه لا يبقى المال في يده فقد صرح بذلك التفصيل في مقام رد ما ذكروه لأنا نقول هذا كله ممنوع بل قوله : لأن الفسق . إلخ صريح في حمل كلام الأذرعي على أنه أراد الانعزال بالنسبة لبقاء المال في يده فقط ، ولو لم يرد الشيخ حمله على ما ذكر ورده كان قوله : مردود لغوا إذ لا رد على ذلك التقدير

                                                                                                                              ( قوله : ولا يضمن ثمنه إلخ ) قال في شرح الروض وتقدم أنه لو تعدى بسفره بما وكل فيه وباعه فيه ضمن ثمنه ، وإن سلمه وعاد من سفره فيكون مستثنى من قوله فالعوض أمانة . انتهى . ( قوله : عاد الضمان ) مع أن العقد يرتفع من حينه لكنا لا نقطع النظر عن أصله بالكلية ولا يشكل بما لو وكل مالك المغصوب غاصبه في بيعه فإنه يبرأ ببيعه وإن لم يخرج من يده حتى لو تلف في يده قبل قبض المشتري لم يضمنه وذلك لقوة يد الوكيل بطرو تعديه بخلاف يد الغاصب فانقطع حكمهما بمجرد زوالها شرح م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( فإن تعدى ) كأن ركب الدابة ، أو لبس الثوب . ا هـ . محلى أي ومغني ومن ذلك ما يقع كثيرا من لبس الدلالين للأمتعة التي تدفع إليهم وركوب الدواب أيضا التي تدفع إليهم لبيعها ما لم يأذن في ذلك ، أو لم تجر به العادة ويعلم الدافع بجريانها بذلك وإلا فلا يكون تعديا لسكن يكون عارية فإن تلف بالاستعمال المأذون فيه حقيقة ، أو حكما بأن جرت به العادة كما مر ، فلا ضمان وإلا ضمن بقيمته وقت التلف . ا هـ . ع ش قول المتن ( ضمن ) أي ضمان المغصوب . ا هـ . ع ش ( قوله : ومن التعدي ) إلى قوله : ويؤخذ في المغني وإلى قوله : إذ الذي يتجه في النهاية ( قوله : ومن التعدي . إلخ ) وهل يضمن بتأخير ما وكل في بيعه وجهان أوجههما عدمه . ا هـ . مغني زاد النهاية إن لم يكن مما يسرع فساده وأخره مع علمه بالحال من غير عذر . ا هـ . قال ع ش [ ص: 334 ] قوله : م ر أوجههما عدمه أي عدم الضمان وعليه فلو سرق ، أو تلف لا ضمان عليه ، وإن أخر البيع بلا عذر ثم إن كان الإذن له في البيع في يوم معين وفات راجعه في البيع ثانيا وإلا باعه بالإذن السابق . ا هـ . ( قوله من ارتفاعه ) أي حكم الأمانة ( قوله : بخلاف الوديعة . إلخ ) رد لدليل مقابل الأصح ( قوله وبحث الأذرعي وغيره . إلخ ) اعتمده المغني ( قوله : إذ الذي يتجه . إلخ ) عبارة النهاية ولا ينافيه ما مر من أن الولي لا يوكل في مال المحجور عليه فاسقا ؛ لأن ذاك بالنسبة للابتداء ويغتفر هنا طرو فسقه إذ يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : من التفصيل ) أي بأنه ينعزل من حيث بقاء المال بيده ولا ينعزل من حيث التصرف الخالي عن ذلك وقوله والحمل أي حمل ما مر على ما ذكره ( قوله : لأن الفسق . إلخ ) تعليل الرد ( قوله : ويزول ضمانه ) إلى الفرع في المغني وإلى التنبيه في النهاية إلا قوله : لم يبع وغيره إلى المتن وقوله : على المعتمد إلى فيطالب ( قوله : ولا يضمن ثمنه . إلخ ) وتقدم أنه لو تعدى بسفره بما وكل فيه وباعه فيه ضمن ثمنه ، وإن تسلمه وعاد من سفر فيكون مستثنى مما مر ، ولو امتنع الوكيل من التخلية بين الموكل والمال ضمن إن لم يكن عذر كالمودع فإن كان له عذر ككونه مشغولا لا بطعام لم يضمن مغني ونهاية قال الرشيدي قوله : مما مر أي من عدم ضمان ثمن ما تعدى فيه . ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية