الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      إيلغازي

                                                                                      الملك نجم الدين ابن الأمير أرتق بن أكسب التركماني ، صاحب ماردين ، كان هو وأخوه الأمير سقمان من أمراء تاج الدولة تتش صاحب الشام ، فأقطعهما القدس ، وجرت لهما سير ، ثم استولى إيلغازي على ماردين .

                                                                                      وكان ذا شجاعة ، ورأي ، وهيبة وصيت ، حارب الفرنج غير مرة ، وأخذ حلب بعد أولاد رضوان بن تتش ، واستولى على ميافارقين وغيرها قبل موته بسنة ، ثم سار منجدا لأهل تفليس هو وزوج بنته ملك العرب دبيس الأسدي ، وانضم إليهما طغان صاحب أرزن ، وطغريل أخو السلطان محمود السلجوقي ، وساروا على غير تعبئة ، فانحدر عليهم داود طاغية الكرج فكبسهم ، فهزمهم ، ونازل اللعين تفليس وأخذها [ ص: 436 ] بالسيف ، وبدع ، ثم جعلهم رعية له ، وعدل ومكنهم من شعار الإسلام ، وأمر أن لا يذبح فيها خنزير ، وبقي يجيء ويسمع الخطبة ، ويعطي الخطيب والمؤذنين الذهب ، وعمر ربطا للصوفة ، وكان جوادا محترما للمسلمين .

                                                                                      وأما إيلغازي ، فتوفي في رمضان بميافارقين سنة ست عشرة فهذا أول من تملك ماردين ، واستمرت في يد ذريته إلى الساعة ، فأخذ ميافارقين ابنه شمس الدولة سليمان ، واستولى ابنه حسام الدين تمرتاش على ماردين ، واستولى على حلب ابن أخيه الأمير سليمان بن عبد الجبار بن أرتق إلى أن أخذها منه ابن عمه بلك بن بهرام .

                                                                                      وقال سبط ابن الجوزي : توفي إيلغازي سنة خمس عشرة وكان تحته بنت صاحب دمشق طغتكين ، وتزوج ابنه سليمان ببنت صاحب الروم ، فمات سنة ثماني عشرة ، فتسلم تمرتاش ميافارقين .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية