الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5211 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، قال : ثنا زيد بن الحباب ، قال : حدثني عياش بن عقبة ، قال : حدثني الفضل بن حسن بن عمرو عن ابن أم الحكم ، أن أمه حدثته أنها ذهبت هي وأختها حتى دخلتا على فاطمة ، فخرجن جميعا فأتين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أقبل من بعض مغازيه ، ومعه رقيق ، فسألته أن يخدمهن .

                                                        فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبقكن يتامى أهل بدر .

                                                        قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى أن ذوي قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سهم لهم من الخمس معلوم ، ولا حظ لهم منه خلاف حظ غيرهم .

                                                        قالوا : وإنما جعل الله لهم ما جعل من ذلك بقوله : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ، وبقوله : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين لحال فقرهم وحاجتهم ، فأدخلهم مع الفقراء والمساكين .

                                                        فكما يخرج الفقير واليتيم والمسكين من ذلك ، لخروجهم من المعنى الذي به استحقوا ما استحقوا من ذلك ، فكذلك ذوو قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم المضمومون معهم ، إنما كانوا ضموا معهم لفقرهم ، فإذا استغنوا خرجوا من ذلك .

                                                        [ ص: 234 ] وقالوا : لو كان لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حظ ، لكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ؛ إذ كانت أقربهم إليه نسبا ، وأمسهم به رحما ، فلم يجعل لها حظا في السبي الذي ذكرنا ، ولم يخدمها منه خادما ، ولكنه وكلها إلى ذكر الله عز وجل ؛ لأن ما تأخذ من ذلك ، وإنما حكمها فيه حكم المساكين ، فيما تأخذ من الصدقة ، فرأى أن تركها ذلك ، والإقبال على ذكر الله عز وجل وتسبيحه وتهليله خير لها من ذلك وأفضل .

                                                        وقد قسم أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع الخمس ، فلم يريا لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حقا ، خلاف حق سائر المسلمين .

                                                        فثبت بذلك أن هذا هو الحكم عندهما ، وثبت - إذ لم ينكره عليهما أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يخالفهما فيه - أن ذلك كان رأيهم فيه أيضا .

                                                        وإذا ثبت الإجماع في ذلك من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ومن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبت القول به ، ووجب العمل به وترك خلافه .

                                                        ثم هذا علي رضي الله عنه ، لما صار الأمر إليه ، حمل الناس على ذلك أيضا .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية