الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1891 [ ص: 151 ] حديث ثان لابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم - مرسل يتصل من وجوه

مالك ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب .

التالي السابق


هكذا روى هذا الحديث يحيى مرسلا ، لم يقل عن أبيه ، وتابعه على ذلك أكثر الرواة للموطأ ، وممن تابعه على ذلك : القعنبي ، وابن بكير ، وابن وهب ، وابن القاسم ، وعبد الله بن يوسف ، وابن أبي أويس ، وأسنده عن مالك : معن بن عيسى ، ومحمد بن المبارك الصوري ، ومحمد بن عبد الرحيم ، وابن شروس الصنعاني ( وعبد الله بن مسلم ) الدمشقي ، وإبراهيم بن طهمان ، وحبيب ، ومحمد بن حرب ، وأبو حذافة ، وعبد الله بن نافع ، وأبو المصعب ، كل هؤلاء رواه عن مالك مسندا عن ابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه .

[ ص: 152 ] حدثنا محمد ، حدثنا علي بن عمر ، حدثنا أبو بكر النيسابوري ، حدثنا إسحاق بن الحسن الطحان بمصر ، حدثنا محمد بن المبارك الصوري ، قال : سمعت رجلا يقول لمالك بن أنس : أحدثك ابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي ، وأنا الحاشر ، وأنا العاقب ؟ قال : نعم .

وأخبرنا علي بن إبراهيم ، حدثنا الحسن بن رشيق ، حدثنا العباس بن محمد بن العباس البصري ، حدثنا أحمد بن صالح ، قال : قرأت على ابن نافع ، قال : حدثني مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي ، الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب ، والعاقب الذي ليس بعده أحد .

هكذا ، قال : في تفسير العاقب في نسق الحديث ، وذكره الدارقطني ، عن محمد بن عبد الله بن زكرياء والحسن بن خضر ، والحسن بن رشيق ، كلهم عن العباس بن محمد ، عن أحمد بن صالح مثله سواء .

[ ص: 153 ] وحدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان ، قال : حدثنا محمد بن يوسف ، قال : حدثنا البخاري ، قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر ، قال : حدثنا معن ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب .

وكذلك رواه أصحاب ابن شهاب ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن جبير ، عن أبيه مسندا ، حدثنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : ( حدثنا ) محمد بن إسماعيل الترمذي ، قال : حدثنا الحميدي ، وحدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن عمر بن علي ، قال : حدثنا علي بن حرب قالا جميعا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إني أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي ، الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي أحشر الناس ، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي .

[ ص: 154 ] وكذلك رواه شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري - لم يقل : خمسة أسماء - والأسماء هنا والصفات سواء ، فمحمد : مفعل من الحمد ، وكذلك أحمد أفعل من الحمد ، قال : بعض الشعراء :


وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد

حدثني عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد أبو رجاء المعلالي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، قال : أحسن بيت قيل - فيما قالوا - قول عبد المطلب ، أو قول أبي طالب ، الشك من أبي إسماعيل :


وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد

والقول في الاسم والمسمى ليس هذا موضعه ، وقد اختلف في ذلك أهل العلم وسائر فرق الإسلام ، وأكثروا من القول في ذلك بما لم أر في ذكره ههنا وجها ، ومعنى قوله يحشر الناس على قدمي : أي قدامي وأمامي ، أي : إنهم يجتمعون إليه وينضمون حوله ، ويكونون أمامه يوم [ ص: 155 ] القيامة وروى الخليل بن أحمد : حشرتهم السنة : إذا ضمتهم من النواحي ، وهذا الحديث أيضا مطابق لكتاب الله في قوله عز وجل : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين . وقال ، صلى الله عليه وسلم : أنا العاقب الذي ليس بعدي نبي . حدثني خلف بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد بن مطرف ، قال : حدثنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا يحيى بن عمر ، قال : حدثنا يوسف بن عمر ، قال : أخبرنا ابن وهب ، عن مالك ، قال : ختم الله به الأنبياء ، وختم بمسجده هذه المساجد ، يعني مالك بذلك مساجد الأنبياء .

وقال أبو عبيد : سألت سفيان ، يعني ابن عيينة ، عن العاقب ، فقال لي : آخر الأنبياء ، قال أبو عبيد : وكذلك كل شيء خلف بعد شيء فهو عاقب ، وقد عقب يعقب عقبا ، ولهذا قيل لولد الرجل بعده عقبه ، وكذلك آخر كل شيء عقبه .




الخدمات العلمية