الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2842 حدثنا القعنبي حدثنا داود بن قيس عن عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وسلم ح و حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا عبد الملك يعني ابن عمرو عن داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه أراه عن جده قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال لا يحب الله العقوق كأنه كره الاسم وقال من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة وسئل عن الفرع قال والفرع حق وأن تتركوه حتى يكون بكرا شغزبا ابن مخاض أو ابن لبون فتعطيه أرملة أو تحمل عليه في سبيل الله خير من أن تذبحه فيلزق لحمه بوبره وتكفأ إناءك وتوله ناقتك [ ص: 35 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 35 ] ( أراه عن جده ) : بضم الهمزة أي أظنه يروي عن جده ( كأنه كره الاسم ) : وذلك لأن العقيقة التي هي الذبيحة والعقوق للأمهات مشتقان من العق الذي هو الشق والقطع ، فقوله صلى الله عليه وسلم لا يحب الله العقوق بعد سؤاله عن العقيقة للإشارة إلى كراهة اسم العقيقة لما كانت هي والعقوق يرجعان إلى أصل واحد . قاله في النيل ( فأحب أن ينسك ) : بضم السين أي يذبح ( عنه ) : أي عن الولد ( فلينسك ) : هذا إرشاد منه إلى مشروعية تحويل العقيقة إلى النسيكة ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم مع الغلام عقيقة وكل غلام مرتهن بعقيقته فلبيان الجواز وهو لا ينافي الكراهة التي أشعر بها قوله لا يحب الله العقوق والفرع حق .

                                                                      قال الشافعي : معناه أنه ليس بباطل وقد جاء على وفق كلام السائل ولا يعارضه حديث لا فرع فإن معناه ليس بواجب . كذا في فتح الودود ( حتى يكون بكرا ) : بالفتح هو من الإبل بمنزلة الغلام من الناس والأنثى بكرة ( شغزبا ) : بضم شين وسكون غين وضم زاي معجمات وتشديد باء [ ص: 36 ] موحدة قالوا هكذا رواه أبو داود في السنن وهو خطأ ، والصواب زخربا بزاي معجمة مضمومة وخاء معجمه ساكنة ثم راء مهملة مضمومة ثم باء مشددة يعني الغليظ ، يقال صار ولد الناقة زخربا إذا غلظ جسمه واشتد لحمه . كذا في فتح الودود . وقال في النهاية : هكذا رواه أبو داود في السنن . قال الحربي : الذي عندي أنه زخربا وهو الذي اشتد لحمه وغلظ .

                                                                      وقد تقدم في الزاي . قال الخطابي : ويحتمل أن يكون الزاي أبدلت شينا والخاء غينا فصحف وهذا من غريب الإبدال . . انتهى .

                                                                      قال في القاموس : الزخرب بالضم وبزائين وتشديد الباء الغليظ القوي الشديد اللحم ( أرملة ) : قال في القاموس : امرأة أرملة محتاجة أو مسكينة ج أرامل ( خير من أن تذبحه ) : خبر لقوله وإن تتركوه إلخ ( فيلزق لحمه بوبره ) : بفتحتين أي يلصق لحم الفرع أي ولد الناقة بوبره أي بصوفه لكونه قليلا غير سمين ( وتكفأ ) : كتمنع آخره همزة أي تقلب وتكب ( إناءك ) : قال الخطابي : يريد بالإناء المحلب الذي تحلب فيه الناقة ، يقول إذا ذبحت ولدها انقطعت مادة اللبن فتترك الإناء مكفأ ولا يحلب فيه ( وتوله ناقتك ) : بتشديد اللام .

                                                                      قال الخطابي : أي تفجعها بولدها وأصله من الوله وهو ذهاب العقل من فقدان الولد . . انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي وقد تقدم الكلام على حديث عمرو بن شعيب .

                                                                      وقال ابن الأثير : الزخرب الذي قد غلظ جسمه واشتد لحمه ، والفرع هو أول ما تلده الناقة كانوا يذبحونه لآلهتهم فكره ذلك وقال لأن تتركه حتى يكبر وتنتفع بلحمه خير من أنك تذبحه فينقطع لبن أمه فتسكب إناءك الذي كنت تحلب فيه ، وتجعل ناقتك والهة بفقد ولدها . . انتهى .




                                                                      الخدمات العلمية