الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2829 [ ص: 128 ] 130 - باب: التكبير عند الحرب

                                                                                                                                                                                                                              2991 - حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا سفيان، عن أيوب، عن محمد، عن أنس - رضي الله عنه - قال: صبح النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر، وقد خرجوا بالمساحي على أعناقهم، فلما رأوه قالوا: هذا محمد والخميس، محمد والخميس. فلجئوا إلى الحصن، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه وقال: " الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " . وأصبنا حمرا فطبخناها، فنادى منادي النبي: - صلى الله عليه وسلم - إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فأكفئت القدور بما فيها. تابعه علي عن سفيان رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه. [انظر: 371 - مسلم: 1940، 1365 - فتح: 6 \ 134].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أنس في خيبر السالف في كتاب: الصلاة، في باب: ما يذكر في الفخذ، وقوله: "الله أكبر خربت خيبر" تابعه علي، عن سفيان: رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه يعني: تابع المسندي عبد الله بن محمد، وقد أسنده في علامات النبوة عنه، عن سفيان، وإنما فعل - صلى الله عليه وسلم - هذا استشعارا لكبرياء الله تعالى على ما تقع عليه العين من عظيم خلقه وكبير مخلوقاته أنه أكبر الأشياء، وليس ذلك على معنى أن غيره كبير، وإنما معنى قوله: الله أكبر: (الله) الكبير. هذا قول أهل اللغة كما نقله عنهم المهلب . وقال معمر عن أبان: لم يعط أحد التكبير إلا هذه الأمة.

                                                                                                                                                                                                                              وكذلك يفعل - صلى الله عليه وسلم - في إشرافه على الجبال، ففرح - صلى الله عليه وسلم - بما فتح الله عليه وكبر إعظاما لله وشكرا له.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 129 ] ورفع اليدين في الدعاء والتكبير استسلام لله - عز وجل - وتنزيه من الحول والقوة إلا به، وقد روى سفيان عن أيوب في هذا الحديث: ((حالوا) إلى الحصن). أي: تحولوا إليه، يقال: حلت عن المكان. إذا تحولت عنه، ومثله: أحلت عنه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين") يريد - صلى الله عليه وسلم - أنهم يقدم إليهم الإنذار فلما عتوا وأصروا نزل بساحتهم.

                                                                                                                                                                                                                              والنهي عن لحوم الحمر قد أسلفنا فيما مضى أنه علل؛ لئلا تفنى أو أنه غير ذلك معلل، وقيل: لمبادرتهم إليها قبل القسمة. قال الداودي : مالك يرى لحومها محرمة لقوله تعالى: والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة [غافر: 79] وقال في الأنعام ومنها تأكلون وزعم أشهب أن تحريمها إجماع من أهل الحجاز؛ وأراه أراد أكثرهم. وقال طاوس: أي: ذلك البحر - يعني: ابن عباس - واحتج بقوله: قل لا أجد الآية. [الأنعام: 145]، واحتج من رد ذلك بأن هذا كان قبل نزول الآية، ثم حرم - صلى الله عليه وسلم - الحمر، ولم يكن ينطق عن الهوى، قاله الداودي، وأهل العلم على أنه محرم بالقرآن.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد إفشاء أمر نادى به مناديه.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية