الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الماء الذي يجوز به الوضوء وما لا يجوز ( الطهارة من الأحداث [ ص: 69 ] جائز بماء السماء والأودية والعيون والآبار والبحار ) لقوله تعالى { وأنزلنا من السماء ماء طهورا } وقوله عليه الصلاة والسلام { والماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه } وقوله عليه الصلاة والسلام في البحر { هو الطهور ماؤه والحل ميتته } ومطلق الاسم ينطلق على هذه المياه .

التالي السابق


باب الماء الذي يجوز به الوضوء [ ص: 69 ]

( قوله لقوله تعالى { وأنزلنا من السماء ماء طهورا } ) يستدل به على عموم الدعوى إن كانت كل المياه أصلها من السماء ، وإنما سلكت ينابيع في الأرض كما قال تعالى { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض } وعلى بعضها إن لم يكن كذلك .

واعلم أن الدعوى هي أنه يجوز التوضي بهذه المياه ، وليس في النص المذكور ولا الأحاديث ما يوجب ذلك ، بل إنما أفادت وصف الماء بالطهورية ، والأصحاب مصرحون بأن ليس معنى الطهور لغة ما يطهر غيره ، بل إنما هو المبالغ في طهارته ، أي طهارته قوية ولا يستلزم ذلك كونه يطهر غيره ، وسيأتي تمامه مع مالك رضي الله عنه ، وكون الإجماع على أن الموصوف بلفظ طهور في لسان الشرع ما يطهر غيره دليل آخر كان يمكن أن يستدل به .

وأما النص المذكور باستقلاله لا يوجبه ، فكان الوجه أن يستدل بقوله تعالى { وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به } وحديث { الماء طهور } حاصل كلامهم فيه أنه مع الاستثناء ضعيف برشدين بن سعد وبدونه من رواية أبي داود والترمذي من حديث الخدري { قيل يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر تلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : الماء طهور لا ينجسه شيء } وحسنه الترمذي وابن القطان وإن ضعفه بسبب الخلاف في تسمية بعض أهل السند ، وقد قال : وله إسناد صحيح [ ص: 70 ] فذكره ، وكذا قال الإمام أحمد : هو حديث صحيح

، فحينئذ يستدل بالقدر الصحيح على طهورية الماء ، وبالإجماع على تنجسه بتغير وصفه بالنجاسة . وأما إنه لا يتنجس إلا إذا تغير كما قال مالك إذا لا يمكن الاستدلال عليه بذلك القدر ، والإجماع على تنجسه بالتغير يفيد أن ظاهره غير مراد . نعم له طريق نذكرها عند الكلام مع الإمام مالك إن شاء الله تعالى ، وحديث { هو الطهور ماؤه } عن أبي هريرة رواه أصحاب السنن الأربعة { أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء ، فإن توضأنا به عطشنا أفتتوضأ من البحر ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : هو الطهور ماؤه الحل ميتته } صححه الترمذي . وقال : سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال : حديث صحيح هذا . وأما ما أعل به من جهالة سعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة والاختلاف في سعيد بن سلمة هل هو هذا أو عبد الله بن سعيد فمدفوعان بإظهار معرفتهما ، وإقامة مالك في الموطإ السند عن صفوان بن سليم وتابعه الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن الجلاح بن كثير وابن وهب عن عمرو بن الحارث عن الجلاح عن سعيد بن سلمة أخرجهما البيهقي فلا يضر الخلاف بعد هذا . وأما الإعلال بالإرسال لأن يحيى بن سعيد رواه عن المغيرة بن أبي بردة أن ناسا من بني مدلج أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحفظ من صفوان بن سليم وأثبت من سعيد بن سلمة اللذين روياه عن ابن أبي بردة عن أبي هريرة فمبني على أن إرسال الأحفظ مقدم على الوصل من الثقة دونه ، وهو غير المذهب المختار عند المحققين على ما عرف في موضعه ، وكذا الإعلال باضطراب هشيم مدفوع بأنه إنما يلزم لو اتفق عليه فيه ، فأما وقد رواه أبو عبيد عن هشيم على الصواب فلا

. وأما قوله السنة وردت بغسل الميت بالماء الذي أغلي فيه السدر فالله أعلم به ، والذي في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته ناقته { اغسلوه بماء وسدر } الحديث ليس فيه غلي




الخدمات العلمية