الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله : ( والمذبح المريء والحلقوم والودجان ) لما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال { أفر الأوداج بما شئت } وهي عروق الحلق في المذبح والمريء مجرى الطعام والشراب والحلقوم مجرى النفس والمراد بالأوداج كلها وأطلق عليه تغليبا ، وإنما قلنا ذلك لأن المقصود يحصل بقطعهن وهو إزهاق الروح ، وإخراج الدم لأنه بقطع المريء والحلقوم يحصل الإزهاق وبقطع الودجين يحصل إنهار الدم ولو قطع الأوداج وهي العروق من غير قطع المريء والحلقوم لا يموت فضلا عن التوجه فلا بد من قطعهما ليحصل التوجه ولا بد من قطع الودجين ، أو أحدهما ليحصل إنهار الدم ، وفي المحيط والمريء وهو مجرى النفس والودجان مجرى الدم والحلقوم مجرى الطعام والشراب ولو خر عنق شاة بسيف من قبل الأوداج وسمى يحل لأنه أتى بالذكاة وزيادة وقد أساء لأنه جاوز النخاع ا هـ .

                                                                                        قال رحمه الله : ( وقطع الثلاث كاف ) والاكتفاء بالثلاث مطلقا هو قول الإمام وقول أبي يوسف أولا وعن أبي يوسف أنه يشترط قطع الحلقوم والمريء وأحد الودجين وعن محمد لا بد من قطع الأكثر من كل واحد من هذه الأربعة وأجمعوا أنه يكتفى بقطع الأكثر من هذه العروق الأربعة فأما الحلقوم والمريء فمخالفان للأوداج وكل واحد منهما مخالف للآخر فلا بد من قطعهم وأبو حنيفة يقول : الأكثر يقوم مقام الكل ، وفي التتمة سئل أبو علي عن انتزاع السبع رأس الشاة وفيها حياة هل تحل بالذكاة ، وإن كانت تتحرك .

                                                                                        قال رحمه الله : ( ولو بظفر وقرن وعظم وسن منزوع وليطة ومروة وما أنهر الدم إلا سنا وظفرا قائمين ) يعني يكفي في الحل بما ذكر لقوله عليه الصلاة والسلام { كل ما أنهر الدم وأفرى الأوداج } ولقوله عليه الصلاة والسلام { أفر الأوداج بما شئت } وما روي من المنع في الظفر والسن محمول على غير المشروع فإن الحبشة كانوا يفعلون ذلك إظهارا للجلد والمشروع آلة جارحة فيحصل به المقصود وهو إنهار الدم ، والليطة القصب الفارسي ، والمروة الحجر الذي له حد والدليل [ ص: 194 ] على جواز الذبح بهما ما روي عن عدي بن حاتم قال { قلت يا رسول الله نجد الصيد وليس معنا سكين إلا المروة وشقة العصا فقال عليه الصلاة والسلام : أفر الأوداج بما شئت واذكر اسم الله } رواه البخاري والظفر والسن المنزوع آلة جارحة بخلاف غير المنزوع لأن الذبح به يكون بالثقل لا بالآلة ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية