الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5253 [ 2841 ] وعنه ; قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بين النفختين أربعون . قالوا : يا أبا هريرة أربعون يوما ؟ قال : أبيت ، قالوا : أربعون شهرا ؟ قال : أبيت ، قالوا : أربعون سنة ؟ قال : أبيت . ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل . قال : وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا .

                                                                                              في رواية : لا تأكله الأرض أبدا ، وهو عجب الذنب ، ومنه يركب الخلق يوم القيامة .


                                                                                              وفي أخرى : منه خلق ، وفيه يركب .

                                                                                              رواه البخاري (4814) ، ومسلم (2955) (141 و 142) ، وأبو داود (4743) ، والنسائي (4 \ 111) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " ما بين النفختين أربعون ") يعني : نفختي الصعق والبعث ، يشير إلى قوله تعالى : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون [ الزمر : 68 ]

                                                                                              و (قول أبي هريرة : أبيت أبيت ، لما سئل عن الأربعين ما هي ) يدل على أنه كان عنده من ذلك علم ، وامتنع من بثه ، لأنه لا ترهق إليه حاجة ولا يتعلق به عمل ، ويحتمل أن لا يكون عنده علم من ذلك .

                                                                                              و (قوله : أبيت ، أبيت ) يعني أبيت أن أسأل عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه بعد .

                                                                                              و (قوله : " ثم ينزل الله من السماء ماء ") يعني به بعد نفخة الصعق ، ينزل هذا الماء الذي هو كمني الرجال ، فتتكون فيه الأجسام بقدرة الله تعالى ، وعن ذلك عبر بقوله : فينبتون كما ينبت البقل ، فإذا تهيأت الأجسام وكملت نفخ في الصور نفخة البعث ، فخرجت الأرواح من المحال التي هي فيها . قال بعضهم : فتأتي كل روح إلى جسده فيحييها الله تعالى ، كل ذلك في لحظة بدليل قوله تعالى : فإذا هم قيام ينظرون [ الزمر : 68 ]

                                                                                              [ ص: 307 ] و (قوله : " كل ابن آدم تأكله الأرض ") أي : تبليه ، وتصيره إلى أصله الذي هو التراب ، هذا عموم مخصص بقوله صلى الله عليه وسلم : " حرم الله تعالى على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " . وبقوله صلى الله عليه وسلم : " المؤذن المحتسب كالمتشحط في دمه ، وإن مات لم يدود في قبره " . وظاهر هذا أن الأرض لا تأكل أجساد الشهداء والمؤذنين المحتسبين ، وقد شوهد هذا فيمن اطلع عليه من الشهداء ، فوجدوا كما دفنوا بعد آماد طويلة ، كما ذكر في السير وغيرها . وعجب الذنب ، يقال بالباء والميم ، وهو جزء لطيف في أسفل الصلب ، وقيل : هو رأس العصعص ، كما رواه ابن أبي الدنيا في كتاب البعث من حديث أبي سعيد الخدري ، وذكر الحديث : قيل : يا رسول الله وما هو ؟ قال : " مثل حبة خردل ، ومنه تنتشرون " .

                                                                                              و (قوله : منه خلق وفيه يركب ) أي : أول ما خلق من الإنسان هو ، ثم إن الله تعالى يبقيه إلى أن يركب الخلق منه تارة أخرى .




                                                                                              الخدمات العلمية