الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وذكر في الفتاوى السراجية في هذا الكتاب بابا في مسائل الاعتقاديات وقدمه وهو أولى بالذكر والتقديم قال الإيمان هو الإقرار باللسان والاعتقاد بالجنان وذلك أن يقروا بوحدانية الله تعالى وصفاته الأزلية وبجميع ما جاء من عنده من كتب ويعتقد بقلبه ذلك والإقرار باللسان شرط في حق القادر على النطق على ظاهر الجواب وقيل الإيمان هو الاعتقاد بالقلب ، والإيمان بالتفاصيل ليس بواجب بل إذا آمن بالجملة كفى والإيمان لا يزيد ولا ينقص لأن الإيمان عندنا ليس من الأعمال ، إيمان اليائس غير مقبول ، وتوبة اليائس مقبولة ، الإيمان غير مخلوق عند أئمة بخارى وعند أئمة سمرقند مخلوق وقيل لا خلاف بينهم في الحقيقة لأن أئمة بخارى قالوا الإيمان هداية الرب لعبده إلى معرفته وذلك غير مخلوق وأئمة سمرقند قالوا : الإيمان فعل العبد ، وإنه مخلوق وعن هذا تعرف جواب من سأل أن الإيمان عطائي ، أو كسبي ، إيمان المقلد صحيح وهو الذي اعتقد جميع أركان الإسلام بلا دليل ، وفي جامع الجوامع قال أبو القاسم من تعلم في الصغر آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله تعالى وتعلم أنه إيمان لكن لا يحسن تعبيره لا يحكم بإسلامه وقال أبو الليث إن سأل فارسيا فقال هذا عرفت ; يحكم بإسلامه قال : وإن كان لا يحسن أن يعبر ، وإلا يعرض عليه الإسلام ، وفي النوازل قال الفقيه : إذا كان الرجل لا يحسن العبارة وهو بحال لو سئل بالفارسية يعرف أن الله واحد وأن الأنبياء رسل الله عز وجل وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ويقول كنت عرفت أن الأمر هكذا كان هذا مؤمنا ، وإن كان لا يحسن أن يعبر عنه ، وإذا سئل عن هذا قال : لا أعلم بذلك ; فلا دين له ويعرض عليه الإسلام فإن أسلم وكانت له امرأة يجدد نكاحها ، وفي السراجية المؤمن لا يخرج عن الإيمان بارتكاب الكبيرة ، وإذا مات بغير توبة فهو في مشيئة الله تعالى إن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه بقدر جنايته ، أو أقل ، ثم يدخله الجنة .

                                                                                        القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق ولا محدث والمكتوب في المصاحف دال على كلام الله تعالى وأنه مخلوق .

                                                                                        رؤية الله تعالى في الآخرة حق يراه أهل الجنة في الآخرة بلا كيفية ولا تشبيه ولا محازاة . أما رؤية الله تعالى في المنام : أكثرهم قالوا : لا تجوز والسكوت في هذا الباب أحوط . القدر خيره وشره من الله تعالى بمشيئته ، وإرادته القديمة إلا أن المعاصي ليست برضا الله تعالى ، وفي الحاوي وعن أبي سلمة الفقيه أنه قال هذه عشر مسائل التي وجدت عليها مشايخ السلف من أهل الهداية والجماعة ، من آمن بها كان منهم ومن لم يؤمن بها فهو صاحب هوى وبدعة ، ثم عد هذه العشرة وقال : قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن أحمد القاضي : إن الله تعالى خلق أفعال العباد ، وأفعالهم بقضاء الله تعالى ومشيئته وإن الله تعالى خالق لم يزل وإن الله تعالى له علم موصوف في الأزل وإن الله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد إذا كان أصلح للعباد ، أو لم يكن ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، وإن شفاعة محمد حق لأهل الكبائر من أمته وإن عذاب القبر حق وإنه يرجى من الله تعالى أن يعطي العباد ما يسألونه من دعائهم .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية