الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1672 [ ص: 195 ] حديث ثالث لابن شهاب ، عن علي بن الحسين مرسل

مالك ، عن ابن شهاب ، عن علي بن حسين ، عن علي بن أبي طالب ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .

التالي السابق


هكذا رواه جماعة رواة الموطأ عن مالك فيما علمت ، إلا خالد بن عبد الرحمن الخراساني ، فإنه رواه عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، وكان يحيى بن سفيان يثني على خالد بن عبد الرحمن الخراساني خيرا ، وقد تابعه موسى بن داود الضبي قاضي طرسوس ، فقال فيه أيضا ، عن أبيه ، وهما جميعا لا بأس بهما ، إلا أنهما ليس بالحجة على جماعة رواة الموطأ الذين لم يقولوا فيه ، عن أبيه .

فأما رواية خالد بن عبد الرحمن ، فحدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا محمد بن قاسم وحدثنا خلف بن قاسم ، قال : حدثنا الحسن بن رشيق ، قالا : حدثنا إسحاق بن [ ص: 196 ] ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌إبراهيم بن يونس ، قال : حدثنا بحر بن نصر ، قال : حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني ، قال : حدثنا مالك ، عن الزهري ، عن علي بن حسين ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .

وحدثنا خلف بن القاسم ، حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد القاضي ، حدثنا أحمد بن عمرو بن جابر ، وأبو جمعة قالا : حدثنا محمد بن إبراهيم بن كثير ، أخبرنا محمد ، حدثنا علي بن عمر ، حدثنا أبو ( هريرة ) محمد بن علي بن حمزة الأنطاكي ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن كثير ، قال : حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني ، حدثنا مالك ، عن الزهري ، عن علي بن حسين ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .

أخبرنا محمد ، حدثنا علي بن عمر ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري ، حدثنا بحر بن نصر بن سابق ، وسعد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين ، مولى عثمان بن عفان ، قال : حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني ، قال : حدثنا مالك بن أنس ، زاد سعد وعبد الله بن عمر العمري ، عن الزهري ، عن علي بن حسين ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .

[ ص: 197 ] وأما رواية موسى بن داود ، فأخبرنا محمد ، حدثنا علي بن عمر ، قال : حدثنا محمد بن مخلد بن حفص ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن مروان بن كنانة ، قال : حدثنا موسى بن داود ، قال : حدثنا مالك بن أنس وعبد الله بن عمر العمري ، عن ابن شهاب ، عن علي بن حسين ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .

قال أبو عمر :

إنما أوتي فيه خالد بن عبد الرحمن ، وموسى بن داود - والله أعلم - لأنهما حملا حديث مالك في ذلك على حديث العمري ، عن الزهري فيه ، ورواه زياد بن سعد ، عن الزهري ، واختلف في حديثه علي بن المقري : حدثني عبد الرحمن بن يحيى ، قال : أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا عبد الجبار بن أحمد السمرقندي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن زياد بن سعد ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .

حدثني محمد بن خليفة ، حدثنا محمد بن الحسن ، حدثنا أبو سعيد المفضل بن محمد الجندي ، قال : حدثنا ابن المقري ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن زياد بن سعد ، عن الزهري ، عن علي بن حسين ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .

[ ص: 198 ] وكذلك رواه ابن المبارك ، عن ابن عيينة ، عن زياد بن سعد ، عن الزهري ، عن علي بن حسين مرسلا .

وأما عبد الجبار ، فقد أخطأ فيه وأعضل ، ولا مدخل لسعيد بن المسيب في هذا الحديث ، ولا يصح فيه ، عن الزهري إلا إسنادان : أحدهما ما رواه مالك ومن تابعه ، وهم أكثر أصحاب الزهري ، عن علي بن حسين مرسلا ، والآخر : ما رواه الأوزاعي عن قرة بن حيوئيل ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مسندا ، والمرسل عن علي بن حسين أشهر وأكثر ، وما عدا هذين الإسنادين ، فخطأ لا يعرج عليه .

وأما حديث قرة بن حيوئيل ، فحدثنا خلف بن قاسم ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان بن السكن ، قال : حدثنا أحمد بن الحسين أبو الجهم الدمشقي ، قال : حدثنا أحمد بن أبي الجواري ، قال : حدثنا أبو مسهر ، قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن سماعة ، قال : حدثنا الأوزاعي ، عن قرة بن حيوئيل ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .

وحدثنا محمد بن خليفة ، قال : حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي وحدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ، قال : حدثنا علي بن محمد بن لؤلؤ البغدادي ، قال : حدثنا الأوزاعي ، عن قرة بن حيوئيل ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .

حدثنا أحمد بن محمد بن أحمد ، قال : حدثنا أحمد بن الفضل ، قال : حدثنا النحاس ، قال : حدثنا الحسن بن علي الرافقي ، قال : حدثنا [ ص: 199 ] العباس بن الوليد بن يزيد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني الأوزاعي ، قال : حدثني قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل ، قال : حدثني الزهري ، قال : حدثني أبو سلمة ، قال : حدثني أبو هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه .

قال أبو عمر :

كلامه هذا - صلى الله عليه وسلم - من الكلام الجامع للمعاني الكثيرة الجليلة ، في الألفاظ القليلة ، وهو مما لم يقله أحد قبله - والله أعلم - إلا أنه قد روي عنه - عليه السلام - أنه قال في صحف إبراهيم : من عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه . حدثنا محمد بن خليفة ، قال : حدثنا محمد بن الحسين الفريابي ، حدثني إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني قال : حدثني ( أبي ، عن ) جدي ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن أبي ذر ، قال : قلت : يا رسول الله ، ما كانت صحف إبراهيم عليه السلام ؟ قال : كانت أمثالا كلها فذكر الحديث ، قال : وكان فيها : وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه ، مقبلا على شأنه ، حافظا للسانه ، ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه .

وحدثنا محمد بن خليفة ، قال : حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي داود ، قال : حدثنا محمود بن خالد ، قال : حدثنا عمر بن عبد الواحد ، قال : حدثنا سعيد بن عبد العزيز ، قال : [ ص: 200 ] وقف رجل على لقمان الحكيم وهو في حلقة عظيمة ، فقال ألست عبد بني الحسحاس ؟ فقال بلى ، قال : فأنى بلغت ما أرى ، قال : قدر الله ، وصدق الحديث ، وتركي ما لا يعنيني .

وذكر مالك في موطئه ، أنه بلغه أنه قيل للقمان : ما بلغ بك ما نرى ؟ - يريدون الفضل - فقال لقمان : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك ما لا يعنيني .

وروى أبو عبيدة ، عن الحسن ، قال : من علامة إعراض الله - عز وجل - عن العبد : أن يجعل شغله فيما لا يعنيه . وقال سابق :


والنفس إن طلبت ما ليس يعنيها جهلا وسخفا تقع فيما يعنيها

وقال الحسن بن حميد :


إذا عقل الفتى استحيا واتقى وقلت من مقالته الفضول

[ ص: 201 ] قال أبو عمر :

روينا عن أبي داود السجستاني - رحمه الله - أنه قال : أصول السنن في كل فن أربعة أحاديث ; أحدها : حديث عمر بن الخطاب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إنما الأعمال بالنيات ، ولكل امرئ ما نوى . والثاني : حديث النعمان بن بشير ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الحلال بين والحرام بين ، وبين ذلك أمور مشتبهات ، فمن اتقى الشبهات ، استبرأ لدينه وعرضه . الحديث . والثالث : حديث أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه . والرابع حديث سهل بن سعد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ازهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما في أيدي الناس ، يحبك الناس .

[ ص: 202 ] حدثنا أحمد بن محمد ، قال : حدثنا علي بن محمد بن مسرور ، قال : حدثنا أحمد بن أبي سليمان ، قال : حدثنا سحنون ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني سحبل بن محمد الأسلمي ، قال : سمعت محمد بن عجلان يقول : إنما الكلام أربعة : أن تذكر الله ، أو تقرأ القرآن ، أو تسأل عن علم فتخبر به ، أو تتكلم فيما يعنيك من أمر دنياك .




الخدمات العلمية