الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 342 - 346 ] فإن لم ينبت بذر أحدهما وعلم لم يحتسب به ، وإن غر ، وعليه مثل نصف النابت ، وإلا فعلى كل : نصف بذر الآخر ، والزرع بينهما : [ ص: 347 ] كأن تساويا في الجميع [ ص: 348 ] أو قابل بذر أحدهما : عمل ، أو أرضه وبذره ، أو بعضه ، إن لم ينقص ما للعامل عن نسبة بذره ، [ ص: 349 ] أو لأحدهما الجميع ، وإلا العمل ، إن عقدا بلفظ الشركة ، لا الإجارة ، أو مطلقا [ ص: 350 - 352 ] كإلغاء أرض ، وتساويا غيرها [ ص: 353 ] أو لأحدهما أرض رخيص وعمل على الأصح

التالي السابق


( فإن لم ينبت بذر أحدهما ) أي شريكي المزارعة ( وعلم ) بضم فكسر صاحب البذر الذي لم ينبت بأن بذر كل بذره في ناحية متميزة عن الناحية التي بذر الآخر فيها وعلمت الناحيتان ( لم يحتسب ) بضم التحتية وفتح السين ( به ) أي البذر الذي لم ينبت فيما أخرج للشركة ويضيع على صاحبه ( إن غر ) صاحب البذر الذي لم ينبت شريكه بأن كان علم أنه لا ينبت لإصابته الدخان مثلا كبزر الكتان ( وعليه ) أي الغار لشريكه ( مثل نصف ) البذر ( النابت ) والزرع بينهما . ابن عبد السلام وينبغي الرجوع على الغار بنصف قيمة العمل المصنف ويرجع بنصف كراء الأرض التي غر فيها ( وإلا ) أي وإن لم يغر صاحب البذر الذي لم ينبت شريكه بأن لم يعلم علته ( فعلى كل منهما ) أي الشريكين للآخر مثل ( نصف بذر الآخر ) فعلى صاحب البذر الذي نبت مثل نصف البذر الذي لم ينبت وعلى صاحب البذر الذي لم ينبت مثل نصف البذر الذي نبت ( والزرع ) مشترك ( لهما ) في الصورتين .

" غ " أصل هذا ما نقله ابن يونس عن أبي إسحاق ، ونصه بعض القرويين . وعند ابن القاسم خلطا أو لم يخلطا الشركة جائزة ، وإذا صحت الشركة في هذا فنبت زرع أحدهما ولم ينبت زرع الآخر فإن غر منه صاحبه وقد علم أنه لا ينبت فعليه نصف بذر صاحبه لصاحبه ، والزرع بينهما ولا عوض له في بذره وإن لم يعلم أنه لا ينبت ولم [ ص: 347 ] يغره ، فعلى الذي نبت بذره أن يغرم لصاحبه مثل نصف بذره على أن ينبت ويأخذ منه مثل نصف بذره الذي نبت ، والزرع بينهما على الشركة ، غره أو لم يغره ، ولو علم ذلك في إبان الزراعة وقد غر صاحبه فأخرج زريعة يعلم أنها لا تنبت فلم تنبت فضمانها منه ، وعليه أن يخرج مثل مكيلتها من زريعة تنبت فيزرعها في ذلك القليب ، وهما على شركتها ولا غرم على الآخر الغار ، وإن لم يغر ولم يعلم فليخرجا جميعا قفيزا آخر فيزرعاه في القليب إن أحبا وهما على شركتهما .

ابن عبد السلام سكت في الرواية عن رجوع المغرور على الغار بنصف قيمة العمل فيما لم ينبت إن كان العمل على المغرور ، وينبغي أن يكون له الرجوع عليه بذلك لأنه غرور بالفعل ، وقبله في التوضيح ، وزاد وينبغي أن يرجع عليه بنصف قيمة كراء الأرض التي غره فيها . ابن عرفة ذكر ابن يونس ما يدل على الخلاف ونصه ابن حبيب لو زارع بما لا ينبت فنبت شعير صاحبه دون شعيره ، فإن داس رجع عليه صاحبه بنصف مكيلته من شعير صحيح ونصف كراء الأرض الذي أبطله عليه ، وقاله أصبغ .

وقال ابن سحنون مثله إلا الكراء ، فلم يذكره ، فظاهر قول ابن سحنون سقوط الكراء وهو ظاهر قول ابن القاسم في المدونة فيمن غر في إنكاح غيره أمة أنه يغرم له الصداق ، ولا يغرم له ما يغرمه الزوج من قيمة الولد ونحوه . قوله في كتاب الجنايات من باع عبدا سارقا دلس فيه فسرق من المبتاع فرده على بائعه بعيبه فذلك في ذمته إن عتق يوما ما ، وأظن في نوازل الشعبي من باع مطمورة دلس فيها بعيب السوس فخزن المبتاع فيها طعاما فاستاس فيها فلا رجوع له على بائعها بما استاس فيها . قال ولو أكراها لرجع عليه ، ونحو المواق والحط .

وشبه في الصحة مسائل فقال ( كأن ) بفتح الهمزة وسكون النون حرف مصدري مقرون بكاف التشبيه صلته ( تساويا ) أي المتزارعان ( في الجميع ) أي الأرض والعمل والبقر والبذر وجوز الشارح كون التشبيه في كون الزرع بينهما قاله تت . " غ " تمثيل [ ص: 348 ] لما تصح فيه الشركة " ق " المتيطي سنة المزارعة الاعتدال والتساوي في الأرض والبذر والبقر والأداة والعمل كله حتى يصير ما هلك من ذلك في ضمانهما معا ، وهذه غاية الكمال فيها . البرقي ظاهر المدونة أنهما إن اشتركا في زرع في بلدين كل واحد يحرث في بلده ويشاركه صاحبه في حرثه وتكافآ في كل شيء أن المزارعة جائزة كما فيها في مساقاة حائطين في بلدين على جزء واحد ، وبهذا أفتى ابن حيدرة خلافا لابن عرفة . ( أو ) لم يتساويا في الجميع و ( قابل بذر أحدهما ) أي المتزارعين ( عمل ) من الآخر والأرض مشتركة بينهما بملك أو اكتراء فيها إن اكتريا الأرض أو كانت لهما جاز أن يخرج أحدهما البذر كله والآخر العمل ( أو ) قابل أحدهما من عند شريكه ( أرضه وبذره ) أي شريك العامل سحنون إن أخرج أحدهما الأرض والبذر وأخرج الآخر العمل جاز . ( أو ) قابل الأرض من أحدهما وبعض البذر عمل من الآخر ( وبعضه ) أي البذر ، فالمعنى أخرج أحدهما الأرض وبعض البذر والآخر العمل وبعض البذر فتصح شركتهما ( إن لم ينقص ما للعامل ) أي ما يأخذه من الزرع ( عن نسبة ) قدر ( بذره ) لمجموع بذرهما بأن زاد ما يأخذه منه عن نسبة بذره أو سواها فالثاني كما لو أخرج أحدهما العمل وثلث البذر ، والآخر الأرض وثلثي البذر على أن يأخذ العامل ثلث الزرع ، والأول كذلك على أن يأخذ العامل ثلثي الزرع . ومفهوم إن لم ينقص إلخ أنه إن نقص ما يأخذه العامل عن نسبة بذره كإخراجه ثلثي البذر على أن يأخذ ثلثه فلا تجوز لمقابلة الأرض ببعض البذر .

" ق " سحنون وابن حبيب إذا اشترك رجلان فأخرج أحدهما الأرض وثلثي الزريعة والآخر ثلث الزريعة والعمل على أن يكون الزرع بينهما نصفين . ابن حبيب أو على الثلث والثلثين فذلك كله جائز إذا ساوى العمل وما فضله به من الزريعة كراء الأرض ، [ ص: 349 ] لأن زيادة الزريعة بإزاء عمل العامل . سحنون وابن حبيب إن أخرج أحدهما ثلثي الأرض وثلث البذر وأخرج الآخر ثلث الأرض وثلثي البذر والعمل والزرع بينهما نصفين لم تجز وكأنه أكرى سدس أرضه بسدس بذر صاحبه ، فإن نزل فلكل واحد بقدر ما له من البذر ويتراجعان في فضل الأكرية ابن يونس بعض فقهائنا ينبغي على مذهب ابن القاسم أن يكون الزرع بينهما نصفين .

( أو لأحدهما ) أي المتزارعين ( الجميع ) أي الأرض والبقر والبذر الأداة ( إلا العمل ) باليد ، فإنه على الآخر وله الربع مثلا فتصح شركتهما ( إن عقدا ) ها ( بلفظ الشركة لا ) بلفظ ( الإجارة أو ) إن ( أطلقا ) أي للعاقدان الشركة عن تسميتها شركة أو إجارة فلا تصح فيهما " ق " سئل ابن رشد ما تقول في رجلين اشتركا في الزراعة على أن جعل أحدهما ، الأرض والبذر والبقر ، وجعل الثاني العمل ويكون الربع للعامل ، فأجاب إن عقداها بلفظ الشركة جازت اتفاقا ، وإن عقداها بلفظ الإجارة لم تجز اتفاقا ، وإن تجرد عقدها من اللفظين أجازها ابن القاسم ومنعها سحنون .

تت هذه المسألة على هذا التقدير هي على ما في توضيحه حيث تعقب قول ابن عبد السلام إذا كان البذر من عند صاحب الأرض والعمل والبقر من عند الآخر أجازه سحنون ومنعه محمد وابن حبيب أن هذه مسألة الخماس البقر والآلة فيها من عند رب الأرض ، وإنما للعامل جزء معلوم يساوي قيمة عمله ، ويتبين ذلك بالوقوف على ما في أجوبة ابن رشد ، ونصه يتفضل الفقيه الأجل قاضي الجماعة أبو الوليد بن رشد وفقه الله تعالى ورضي عنه بالجواب عن رجلين اشتركا في الزرع على أن جعل أحدهما الأرض والبذر والبقر ، والثاني العمل ، ويكون الربع للعامل والثلاثة الأرباع لصاحب الأرض هل يجوز ذلك أم لا ، فأجاب تصفحت سؤالك ، فأما مسألة الاشتراك في الزرع على الوجه الذي ذكرت فلا يخلو الأمر فيها من ثلاثة أوجه ، أحدها أن يعقدا بلفظ الشركة ، والثاني أن يعقدا بلفظ الإجارة . [ ص: 350 ] والثالث أن لا يسميا إجارة ولا شركة ، وأنما قال أدفع إليك أرضي وبقري وبذري وتتولى أنت العمل ، ويكون لك ربع الزرع أو خمسه أو جزء من أجزائه يسميانه ، فحمله ابن القاسم على الإجارة فلم يجزه ، وإليه ذهب ابن حبيب ، وحمله سحنون على الشركة فأجازه ، هذا تحصيل القول عندي في هذه المسألة ، وكان من أدركنا من شيوخنا لا يحصلونها هذا التحصيل ، ويذهبون إلى أنها مسألة اختلاف جملة من غير تفصيل ، وليس هذا عندي بصحيح ا هـ

البناني هذا النقل هو الصواب كما في ابن عرفة وتبعه " غ " ، فانظره ، والعجب من " ق " كيف خالفه . ابن عرفة اللخمي إن كان البذر من عند ذي الأرض والبقر والعمل للآخر فأجازه سحنون ومنعه محمد وابن حبيب . سحنون إن اشتركا على ذلك أن ثلث ما يحصل لرب البذر ولذي العمل ثلث والبقر ثلث والقيم كذا جاز ، ومثله إن كان من عند أحدهما العمل فقط . وقال محمد في مثل هذا هو فاسد ، وهذا خلاف أصله من أنه إن سلم المتزارعان من مقابلة الأرض البذر جازت الشركة إذا تساويا . قلت ترد مناقضته محمدا بأنه إنما قاله في المتزارعين ولا يصدق هذا اللفظ إلا أن يأتي كل منهما بزريعة . ابن حبيب إن نزل فالزرع لرب الأرض والبذر ، وللآخر أجر مثله إلا أن يقول تعال نتزارع على أن نصف أرضي ونصف بذري ونصف بقري كراء نصف عملك ، فالزرع بينهما كأنه قبضه نصف البذر في أجرته وضمه والصواب قول سحنون إذا دخلا على وجه الشركة وأن يعملا البذر على أملاكهما جاز وإن كان على أن يعمل على ملك صاحب البذر وللآخر ثلث ما يخرج فسدت قولا واحدا لأنه أجر نفسه لمجهول .

قلت قوله فسدت قولا واحدا نص في أن معنى إجازة سحنون إنما هي إذا كان على أن يعملا البذر على أملاكهم وابن عبد السلام هذه مسألة الخماس ببلدنا ، وقال فيها ابن رشد إن عقدها بلفظ الشركة جاز اتفاقا ، وإن كان بلفظ الإجارة لم يجز اتفاقا . وإن عري العقد من اللفظين فأجازه ابن القاسم ، وأرى أنه تحقيق المذهب . [ ص: 351 ] قلت جواب ابن رشد في أسئلته ما نصه ما تقول في رجلين اشتركا في الزراعة على أن جعل أحدهما الأرض والبذر والبقر ، والثاني العمل ، ويكون الربع للعامل فأجاب بالتفصيل المتقدم ، وما نقله ابن عبد السلام عنه من أن ابن القاسم أجازها ومنعها سحنون وهم ، لأن نص ابن رشد حمله ابن القاسم على الإجارة فلم يجزه ، وإليه ذهب ابن حبيب ، وحمله سحنون على الشركة فأجازه هذا تحصيل المسألة . ا هـ . وزعمه أن مسألة عرفنا هي مسألة سحنون ومحمد ، فيه نظر من وجوه الأول أن مسألتهما ليس فيها اختصاص رب الأرض بشيء من غلة الحرث ، ومسألة عرفنا بإفريقية في زمنه وبعده وقبله إنما هي على أن كل التين لرب الأرض والبذر . الثاني أن مسألة سحنون ومحمد أن المنفرد بالعمل أخرج معه البقر ومسألة عرفنا لا يأتي العامل فيها إلا بعمل يده فقط ، وكونه كذلك يصيره أجيرا ، ويمنع كونه شريكا .

ودلالة جواب ابن رشد عن المسألة التي سئل عنها على خلاف ما قلناه ، ونحوه قول اللخمي ، ومثله إن كان من عند أحدهما العمل فقط ترد بما يأتي من أقوال أهل المذهب أن شرط الشركة كون عملها مضمونا لا معينا في عامل معين ، ومسألة عرفنا إنما يدخلون فيها على أن عملها معين بنفس عاملها وحاملهم على هذا خوف الاغترار بقوله فيفتقر في مسألة عرفنا إلى قول بالصحة وليس كذلك ، ولقد أجاد ، ونصح شيخ شيوخنا الشيخ الفقيه المحصل أبو عبد الله بن شعيب بن عمر الهنتاني الهكوري حيث سئل عن مسألة الخماس في الزرع بجزء مسمى من الزرع ، هل تجوز أم لا ، وهل ينتهض عذرا في إباحته تعذر من يدخل على غير هذا فأجاب بأنها إجارة فاسدة وليست شركة لأن الشركة تستدعي الاشتراك في الأصول التي هي مستند الأرباح ، وعدم المساعد على ما يجوز من ذلك لا ينهض عذرا لأن غلبته في ذلك وأمثاله إنما هي من إهمال حملة الشريعة ولو تعرضوا لفسوخ عقود ذوي الفساد لما استمروا على فسادهم ، وأن حاجة الضعيف للفتوى أشد ، قال الله تعالى { فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين والوزن يومئذ الحق } [ ص: 352 ] ثم قال ابن عرفة بعد نصوص طويلة قلت تقرير كون ما قالوه هو الصواب أن حقيقة الشركة مباينة لحقيقة الإجارة لأن حقيقة الشركة عدم انفراد أحدهما بإخراج المال والآخر بإخراج العمل ، والإجارة على عكس ذلك ، وحكم الشركة أن فائدتها يجب أن تكون معلومة لمستحقها بطريق نسبة بعض الشيء إليه كالنصف لا بمعرفة القدر وزنا أو عددا كعشرة دنانير ، وحكم الإجارة أن فائدتها يجب أن تكون معلومة لمستحقها بعكس ذلك ، والمزارعة قال ابن رشد هي شركة وإجارة ، فمن غلب الشركة لم يجعلها لازمة بعقدها ، ومن غلب الإجارة جعلها لازمة به ، إذا تقرر هذا فكلما لم ينفرد أحدهما في المزارعة بإخراج مال كان شبيها بالشركة ثابتا ضرورة اشتمالها على خاصية الشركة ، وكلما انفرد أحدهما بإخراج المال والآخر بالعمل بطل كونها مزارعة لانتفاء لازمها حينئذ وهو اشتمالهما على خاصية الشركة ، وصارت محض إجارة لمماثلتها حينئذ إياها ، فيجب كونها فاسدة لأن حكم الإجارة وجوب كون فائدتها معلومة القدر وزنا أو عددا .

( تنبيه ) ابن الحاجب والعمل المشترط هو الحرث لا الحصاد والدراس على الأصح لأنه مجهول . وعن ابن القاسم والحصاد والدراس . التوضيح ما صححه المصنف وهو قول سحنون ، وكذلك قاله التونسي وابن يونس إنه الصواب لأن الحصاد والدراس مجهولان . وقال المتيطي إن كان العرف بالبلد أن الحصاد والدراس والتصفية على العامل وكان ذلك كله مع جميع العمل مساويا لكراء الأرض جاز على قول ابن القاسم ، ولم يجزه سحنون لأنه لا يدري كيف يكون . ابن عرفة وعملها مئونة الزرع قبل تمامه بيبسه . وفي كون الحصاد والدراس منه وعدمه فلا يجوز شرطه نقلا الصقلي عن ابن القاسم وسحنون قائلا إذ لا يدري هل يتم ولا كيف يكون وصوبه لأنه يقل ويكثر ، وكذا شرط النقاء ا هـ .

وشبه في عدم الصحة المدلول عليه بقوله لا الإجارة إلخ فقال ( كإلغاء ) بغين معجمة أي عدم حسب كراء ( أرض ) له قدر من أحدهما ( وتساويا ) أي الشريكان في ( غيرها ) [ ص: 353 ] أي الأرض من بذر وبقر وعمل يد فلا تصح شركتهما لدخولهما على التفاوت ، فيها إن أخرج أحدهما أرضا لها قدر من الكراء . وألغاها لصاحبه واعتدلا فيما بعد ذلك من العمل والبذر ، فلا يجوز حتى يعطي شريكه نصف كراء أرضه ( أو لأحدهما ) أي الشريكين ( أرض رخيصة ) أي قليلة الكراء ( وله ) أي مخرج الأرض الرخيصة ( عمل ) بيده وبقره وللآخر البذر ففاسدة لمقابلة الأرض بعض البذر ، وهذا قول ابن عبدوس ورجحه ابن يونس .

وأشار إلى ترجيحه بقوله ( على الأصح ) فالمناسب إبدال الأصح بالأرجح ، ومفهوم قوله أرض وعمل أنه لو كان له أرض وبذر وللآخر العمل جاز وهو كذلك ، إذ لم تقابل الأرض البذر بخلاف مسألة المنطوق ، ولذا خص المصنف العمل بكونه من صاحب الأرض كما هو في الرواية قاله طفي . " غ " أو لأحدهما أرض رخيصة وعمل على الأصح ، الظاهر أنه معطوف على قوله كإلغاء أرض فهو أيضا مشبه بقوله لا الإجارة وعن هذا عبر في توضيحه بقوله إذا أخرج أحدهما البذر والآخر العمل والأرض ، فإن كانت الأرض لها خطب لم يجز ، وإن لم يكن لها خطب فقولان الجواز لسحنون وهو مبني على جواز التطوع بالتافه في العقد والمنع لابن عبدوس ، ورأى أنه يدخله كراء الأرض بما يخرج منها . ابن يونس وهو الصواب . ا هـ . فلعل الأصح تصحيف الأرجح .

" ق " ابن يونس في باب آخر من المدونة إذا أخرج أحدهما الأرض والآخر البذر فلا يجوز إلا أن تكون أرضا لا كراء لها ، وقد تساويا فيما سواها فأخرج هذا البذر وهذا العمل وقيمتها سواء ، فهو جائز لأن الأرض لا كراء لها . وأنكر ابن عبدوس هذا وقال إنما أجاز مالك رضي الله تعالى عنه أن تلغى الأرض إذا تساويا في إخراج البذر والعمل ، فأما إن كان مخرج البذر غير مخرج الأرض لم يجز وإن كانت لا كراء لها ، إذ يدخله كراؤها بما يخرج منها ، ألا ترى أن لو أكريت هذه ببعض ما يخرج منها لم يجز ، وهذا هو الصواب ا هـ . البناني أبو علي كلام ابن يونس يدل على أن المصحح هو ابن عبدوس لا ابن يونس ، فلفظ الأصح في محله ، ونقل كلام ابن يونس فانظره فيه .




الخدمات العلمية