الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
[ ص: 74 ] ( وإن سال مطر بمباح ) أي بأرض غير مملوكة ويليها جنان ، أو زرع لناس شتى ( سقي الأعلى ) أولا وهو الأقرب للماء المذكور ( إن تقدم ) في الإحياء على الأسفل أي أو تساويا في الإحياء وإلا قدم الأسفل ( للكعب ) أي حتى يبلغ الماء فيه الكعب ثم يرسل للآخر على الترتيب المذكور ( وأمر ) المقدم على غيره ( بالتسوية ) لأرضه إن أمكن ( وإلا ) تمكن التسوية وكان لا يبلغ الماء الكعبين في المرتفع حتى يكون في المنخفض أكثر ( فكحائطين ) فيسقى الأعلى ثم الأسفل منها أي يصير هذا الحائط المشتمل على أعلى وأسفل كحائطين فتسقى كل جهة منه على حدتها ، ثم ينتقل لغيرها ثم ذكر مفهوم الأعلى أي الأقرب بقوله ( وقسم ) الماء المباح ( للمتقابلين ) أي للحائطين مثلا المتساويين في القرب للماء سواء كانا في جهة أو إحداهما في جهة والأخرى في جهة أخرى وسواء استوى زمن إحيائهما ، أو اختلفت وقوله ( كالنيل ) تشبيه تام في ماء المطر في جميع ما مر من سقي الأعلى إن تقدم إلخ .

التالي السابق


( قوله : وإن سال مطر بمباح ) احترز بالمباح من السائل بمكان مملوك فإن صاحبه له منعه من غيره كما قدمه في مرسال مطر فما هنا مفهوم ما تقدم . ( قوله : ويليها جنان ) أي والحال أنها لم تتصل كلها بالماء بل بعضها متصل به دون بعض وأما لو وليها بستان ورحا ، أو زرع ورحا قدم غير الرحا من الزرع ، أو البستان عليها ولو تأخر ذلك الغير عن الرحا في الإحياء وكانت أقرب للماء كما قال ابن رشد لأن الحكمة الأصلية المقصودة من الماء النبات بنص القرآن لا الرحا ولا غيرها . ( قوله : وإلا قدم الأسفل ) محل تقديم الأسفل السابق في الإحياء على الأعلى المتأخر في الإحياء إذا خيف على زرع الأسفل الهلاك بتقديم غيره عليه في السقي ، وإلا قدم الأعلى المتأخر في الإحياء على الأسفل كذا قيد سحنون والذي حققه طفى أن الأسفل يقدم إذا تقدم في الإحياء ولو لم يخف على زرع بتقديم الأعلى . ( قوله : ثم يرسل للآخر ) أي ثم يرسل الماء كله للآخر إلى الكعبين على المعتمد وهو قول ابن القاسم وقيل يرسل الباقي وهو ما زاد على الكعبين واستظهر الثاني ابن رشد في المقدمات نصها : ثم اختلف هل يرسل للأسفل جميع الماء ولا يبقى منه للأعلى شيء وهو قول ابن القاسم ، أو يرسل ما زاد على الكعبين وهو قول مطرف وابن الماجشون وابن وهب وهو الأظهر ا هـ ومعناه في الثاني أن يرسل الماء من وراء جنان الأعلى ويبقى منه ما وصل للكعبين ا هـ بن . ( قوله : وأمر المقدم على غيره ) أي في السقي وهو صاحب الأعلى إن تقدم في الإحياء ، أو ساوى غيره وصاحب الأسفل إن تقدم في الإحياء وقوله : وأمر المقدم أي بالقضاء . ( قوله : وإلا تمكن التسوية إلخ ) أشار الشارح بهذا إلى أن قوله ، وإلا راجع لصفة مقدرة بعد التسوية كما قدره ولم يصرح بهذه الصفة للعلم بها ; لأنه لا يؤمر بالتسوية إلا وهي ممكنة . ( قوله : وقسم للمتقابلين ) انظر هل يقسم الماء بينهم بالسوية أي لكل واحد منهما نصفه ولو اختلفت مساحتهما ، أو يقسم بينهما على حسب مساحة كل منهما والظاهر الأول كما قال شيخنا واقتصر عليه في المج . ( قوله : سواء استوى زمن إحيائهما ، أو اختلف ) قال بن فيه نظر ; لأنه قد تقدم أن السبق في الإحياء يقتضي التقدم ولو في الأسفل وأحرى في أحد المتقابلين وحينئذ فيتعين حمل كلام المصنف على ما إذا استوى زمن إحيائهما .




الخدمات العلمية