الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5764 ) مسألة ; قال : وإذا قالت له اخلعني على ما في يدي من الدراهم . ففعل فلم يكن في يدها شيء ، لزمها ثلاثة دراهم وجملة ذلك أن الخلع بالمجهول جائز ، وله ما جعل له . وهذا قول أصحاب الرأي . وقال أبو بكر : لا يصح الخلع ، ولا شيء له ; لأنه معاوضة ، فلا يصح بالمجهول ، كالبيع . وهذا قول أبي ثور وقال الشافعي يصح الخلع ، وله مهر مثلها ; لأنه معاوضة بالبضع ، فإذا كان العوض مجهولا وجب مهر المثل ، كالنكاح . ولنا ، أن الطلاق معنى يجوز تعليقه بالشرط ، فجاز أن يستحق به العوض المجهول كالوصية ، ولأن الخلع إسقاط لحقه من البضع ، ليس فيه تمليك شيء ، والإسقاط تدخله المسامحة ، ولذلك جاز من غير عوض ، بخلاف النكاح .

                                                                                                                                            وإذا صح الخلع ، فلا يجب مهر المثل ; لأنها لم تبذله ، ولا فوتت عليه ما يوجبه ، فإن خروج البضع من ملك الزوج غير متقوم ، بدليل ما لو أخرجته من ملكه بردتها ، أو رضاعها لمن ينفسخ به نكاحها ، لم يجب عليها شيء ، ولو قتلت نفسها أو قتلها أجنبي ، لم يجب للزوج عوض عن بضعها ، ولو وطئت بشبهة أو مكرهة ، لوجب المهر لها دون الزوج ، ولو طاوعت لم يكن للزوج شيء ، وإنما يتقوم البضع على الزوج في النكاح خاصة ، وأباح لها افتداء نفسها لحاجتها إلى ذلك فيكون الواجب ما رضيت ببذله ، فأما إيجاب شيء لم ترض به فلا وجه له .

                                                                                                                                            فعلى هذا ، إن خالعها على ما في يدها من الدراهم ، صح ، فإن كان في يدها دراهم فهي له ، وإن لم يكن في يدها شيء فله عليها ثلاثة . نص عليه أحمد لأنه أقل ما يقع عليه اسم الدراهم حقيقة ، لفظها دل على ذلك ، فاستحقه كما لو وصى له بدراهم . وإن كان في يدها أقل من ثلاثة ، احتمل أن لا يكون له غيره ; لأنه من الدراهم ، وهو في يدها . واحتمل أن يكون له ثلاثة كاملة ; لأن اللفظ يقتضيها فيما إذا لم يكن في يدها شيء ، فكذلك إذا كان في يدها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية