الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                صفحة جزء
                                                                                5001 [ ص: 183 ] كلام أبي ذر رضي الله عنه .

                                                                                ( 1 ) أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ذر قال : والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا ، ولو تعلمون ما أعلم ما انبسطتم إلى نسائكم ، ولا تقاررتم على فرشكم ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون وتبكون ، والله لو أن الله خلقني يوم خلقني شجرة تعضد وتؤكل ثمرتي .

                                                                                ( 2 ) أبو أسامة عن سفيان عن أبي المحجل عن ابن عمران بن حطان عن أبيه قال : قال أبو ذر : الصاحب الصالح خير من الوحدة ، والوحدة خير من صاحب السوء ، ومملي الخير خير من الساكت ، والساكت خير من مملي الشر ، والأمانة خير من الخاتم ، والخاتم خير من ظن السوء .

                                                                                ( 3 ) أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال : ذو الدرهمين يوم القيامة أشد حسابا من ذي الدرهم .

                                                                                ( 4 ) أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال : قيل له : ألا تتخذ أرضا كما اتخذ طلحة والزبير ، قال : فقال : وما أصنع بأن أكون أميرا ، وإنما يكفيني كل يوم شربة من ماء أو نبيذ أو لبن وفي الجمعة قفيز من قمح .

                                                                                ( 5 ) محمد بن بشر العبدي عن عمرو بن ميمون عن أبيه عن رجل من بني سليم يقال له عبد الله بن سيدان قال : صحبت أبا ذر فقال لي : ألا أخبرك بيوم حاجتي ، إن يوم حاجتي يوم أوضع في حفرتي ، فذلك يوم حاجتي .

                                                                                ( 6 ) أبو معاوية عن موسى بن عبيدة عن عبد الله بن خراش قال : رأيت أبا ذر بالربذة وعنده امرأة له سحماء أو شحباء ، قال : وهو في مظلة سوداء ، قال فقيل له : يا أبا ذر ، لو اتخذت امرأة هي أرفع من هذه ، قال : فقال : إني والله لأن أتخذ امرأة تضعني أحب إلي من أن أتخذ امرأة ترفعني ، قالوا : يا أبا ذر ، إنك امرؤ ما تكاد يبقى لك ولد ، قال : فقال : وإنا نحمد الله الذي يأخذهم منا في دار الفناء ويدخر لنا في دار البقاء ، قال : وكان يجلس على قطعة المسح والجوالق ، قال : فقالوا : يا أبا ذر لو اتخذت بساطا هو ألين [ ص: 184 ] من بساطك هذا ، قال : فقال : اللهم غفرا ، خذ ما أوتيت ، إنما خلقنا لدار لها نعمل وإليها نرجع .

                                                                                ( 7 ) أبو معاوية عن الحسن عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه قال : بعث أبو الدرداء إلى أبي ذر رسولا ، قال : فجاء الرسول فقال لأبي ذر : إن أخاك أبا الدرداء يقرئك السلام ، يقول لك : اتق الله وحق الناس ، قال : فقال أبو ذر : مالي وللناس ، وقد تركت لهم بيضاءهم وصفراءهم ، ثم قال للرسول : انطلق إلى المنزل ، قال : فانطلق معه ، قال : فلما دخل بيته إذا طعيم في عباءة ليس بالكثير ، وقد انتشر بعضه ، قال : فجعل أبو ذر يكنسه ويعيده في العباءة قال : ثم قال : إن من فقه المرء رفقه في معيشته ، قال : ثم جيء طعيم فوضع بين يديه ، قال : فقال لي : كل ، قال : فجعل الرجل يكره أن يضع يده في الطعام لما يرى من قلته ، قال : فقال له أبو ذر : ضع يدك ، فوالله لأنا بكثرته أخوف مني بقلته ، قال : فطعم الرجل ثم رجع إلى أبي الدرداء فأخبره بما رد عليه ، فقال أبو الدرداء : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق منك يا أبا ذر .

                                                                                ( 8 ) يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي بكر بن المنكدر قال : أرسل حبيب بن مسلمة وهو على الشام إلى أبي ذر بثلاثمائة دينار ، فقال : استعن بها على حاجتك ، فقال أبو ذر : ارجع بها ، فما وجد أحدا أغر بالله منا ، ما لنا إلا ظل نتوارى به ، وثلة من غنم تروح علينا ، ومولاة لنا تصدقت علينا بخدمتها ، ثم إني لأتخوف الفضل .

                                                                                ( 9 ) عفان بن مسلم قال : حدثنا عبد الله الرومي قال : دخلت على أم طلق وإنها حدثته أنها دخلت على أبي ذر ، فأعطته شيئا من دقيق وسويق ، فجعله في طرف ثوبه وقال : ثوابك على الله ، فقلت لها : يا أم طلق ، كيف رأيت هيئة أبي ذر ؟ فقالت : يا بني ، رأيته شعثا شاحبا ، ورأيت في يده صوفا منفوشا وعودين قد خالف بينهما وهو يغزل من ذلك الصوف .

                                                                                ( 10 ) محمد بن بشر قال حدثنا سفيان عن المغيرة بن النعمان عن عبد الله بن الأقنع الباهلي عن الأحنف بن قيس قال : كنت جالسا في مسجد المدينة فأقبل رجل لا تراه [ ص: 185 ] حلقة إلا فروا منه حتى انتهى إلى الحلقة التي كنت فيها ، فثبت وفروا ، فقلت : من أنت ؟ فقال : أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : ما يفر الناس منك ؟ فقال : إني أنهاهم عن الكنوز ، فقلت : إن أعطياتنا قد بلغت وارتفعت فتخاف علينا منها ؟ قال : أما اليوم فلا ، ولكنها يوشك أن تكون أثمان دينكم فدعوهم وإياها .

                                                                                التالي السابق


                                                                                الخدمات العلمية