الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 257 ] مسألة ; قال : ( وإن خالعها على غير عوض ، كان خلعا ، ولا شيء له ) اختلفت الرواية عن أحمد في هذه المسألة ; فروى عنه ابنه عبد الله ، قال : قلت لأبي : رجل علقت به امرأته تقول : اخلعني . قال : قد خلعتك . قال يتزوج بها ، ويجدد نكاحا جديدا ، وتكون عنده على ثنتين . فظاهر هذا صحة الخلع بغير عوض . وهو قول مالك ; لأنه قطع للنكاح ، فصح من غير عوض ، كالطلاق ، ولأن الأصل في مشروعية الخلع أن توجد من المرأة رغبة عن زوجها ، وحاجة إلى فراقه ، فتسأله فراقها ، فإذا أجابها ، حصل المقصود من الخلع ، فصح ، كما لو كان بعوض قال أبو بكر : لا خلاف عن أبي عبد الله ، أن الخلع ما كان من قبل النساء ، فإذا كان من قبل الرجال ، فلا نزاع في أنه طلاق تملك به الرجعة ، ولا يكون فسخا .

                                                                                                                                            والرواية الثانية ، لا يكون خلع إلا بعوض . روى عنه مهنا ، إذا قال لها : اخلعي نفسك . فقالت : خلعت نفسي . لم يكن خلعا إلا على شيء ، إلا أن يكون نوى الطلاق ، فيكون ما نوى . فعلى هذه الرواية ، لا يصح الخلع إلا بعوض ، فإن تلفظ به بغير عوض ، ونوى الطلاق ، كان طلاقا رجعيا ; لأنه يصلح كناية عن الطلاق . وإن لم ينو به الطلاق ، لم يكن شيئا . وهذا قول أبي حنيفة والشافعي ; لأن الخلع إن كان فسخا ، فلا يملك الزوج فسخ النكاح إلا لعيبها . وكذلك لو قال : فسخت النكاح . ولم ينو به الطلاق ، لم يقع شيء ، بخلاف ما إذا دخله العوض ، فإنه يصير معاوضة ، فلا يجتمع له العوض والمعوض .

                                                                                                                                            وإن قلنا : الخلع طلاق فليس بصريح فيه اتفاقا ، وإنما هو كناية ، والكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنية ، أو بذل العوض ، فيقوم مقام النية ، وما وجد واحد منهما . ثم إن وقع الطلاق ، فإذا لم يكن بعوض ، لم يقتض البينونة إلا أن تكمل الثلاث .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية