الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير )

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير )

                                                                                                                                                                                                                                            أمر بتكرير البصر في خلق الرحمن على سبيل التصفح والتتبع ، هل يجد فيه عيبا وخللا ، يعني أنك إذا كررت نظرك لم يرجع إليك بصرك بما طلبته من وجدان الخلل والعيب ، بل يرجع إليك خاسئا أي مبعدا من قولك : خسأت الكلب إذا باعدته ، قال المبرد : الخاسئ المبعد المصغر ، وقال ابن عباس : الخاسئ الذي لم ير ما يهوى ، وأما الحسير فقال ابن عباس : هو الكليل ، قال الليث : الحسر والحسور الإعياء ، وذكر الواحدي ههنا احتمالين :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون الحسير مفعولا من حسر العين بعد المرئي ، قال رؤبة :


                                                                                                                                                                                                                                            يحسر طرف عينه فضاؤه



                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : قول الفراء : أن يكون فاعلا من الحسور الذي هو الإعياء ، والمعنى أنه وإن كرر النظر وأعاده فإنه لا يجد عيبا ولا فطورا ، بل البصر يرجع خاسئا من الكلال والإعياء ، وههنا سؤالان :

                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الأول : كيف ينقلب البصر خاسئا حسيرا برجعه كرتين اثنتين ؟ الجواب : التثنية للتكرار بكثرة كقولهم : لبيك وسعديك يريد إجابات متوالية .

                                                                                                                                                                                                                                            السؤال الثاني : فما معنى ( ثم ارجع ) الجواب : أمره برجع البصر ثم أمره بأن لا يقنع بالرجعة الأولى ، بل أن يتوقف بعدها ويجم بصره ثم يعيده ويعاوده إلى أن يحسر بصره من طول المعاودة فإنه لا يعثر على شيء من فطور .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية