الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
لا إن زاد في بيع ، أو نقص في اشتراء ، أو اشتر بها فاشترى [ ص: 383 ] في الذمة ونقدها وعكسه ، أو شاة بدينار فاشترى به اثنتين لم يمكن إفرادهما [ ص: 384 ] وإلا خير في الثانية ، [ ص: 385 ] أو أخذ في سلمك حميلا ، أو رهنا ، وضمنه قبل علمك به ، ورضاك وفي بذهب بدراهم ، وعكسه ، قولان

التالي السابق


( لا ) يخير الموكل ( إن زاد ) الوكيل ( في بيع ) على ما سماه له موكله كبع هذا بعشرة فباعه باثني عشر ( أو نقص ) الوكيل عما سمى له ( في اشتراء ) كاشتر بعشرة هذا الشيء فاشتراه بثمانية لأن هذه مصلحة للموكل " ق " ابن بشير إن خالف في بيع بزيادة كقوله بعه بعشرة فباعه باثني عشر أو بعه بعشرة إلى شهر فباعه بها نقدا فقولان مبنيان على الخلاف في شرط ما لا يفيد يوفى به أم لا . ابن عرفة هذا كما قال ( أو ) أي ولا خيار للموكل إن دفع لوكيله عشرة وقال له ( اشتر بها ) أي العشرة سلعة كذا ( فاشترى ) [ ص: 383 ] الوكيل السلعة التي سماها موكله بعشرة ( في الذمة ونقدها ) أي دفع العشرة للبائع ( و ) لا خيار للموكل في ( عكسه ) أي المذكور بأن دفع الموكل لوكيله عشرة . وقال له اشتر سلعة كذا بعشرة في الذمة وادفع العشرة بعد الشراء فخالف الوكيل ما أمر به موكله واشترى السلعة التي سماها الموكل بعين العشرة .

" ق " ابن شاس إذا أسلم له ألفا وقال اشتر بها كذا فاشتراه في الذمة ونقد الألف أو اشتر في الذمة وسلم الألف فاشترى بعينه صح فيهما ا هـ . وتبعه ابن الحاجب . قال في التوضيح ينبغي على القول بوجوب الوفاء بشرط لا يقيد أن يكون للموكل الخيار ، أما إن ظهر لاشتراط الموكل فائدة ، فإنه يعمل على قوله بلا إشكال ، وقد نص عليه عليه المازري . ابن عرفة ذكر المازري للشافعية كلاما فيها ، ثم قال إن ظهر فيما رسمه الموكل غرض فمخالفته عداء ، وإن لم يكن غرضه إلا تحصيل السلعة فليس بعداء ابن عبد السلام لو دفع الدنانير وديعة فدفعها الوكيل في الثمن لم يبعد أن يكون متعديا إذا قيل بتعين الدنانير والدراهم ، إذ قد يتعلق للآمر بعينها غرض صحيح إما لشبهة فيها فلا يجب تفويتها بالشراء بها حتى ينظر في إصلاح شبهتها أو يتحقق كسبها فيجب الشراء بها لقوته لا للتجارة أو لغير ذلك مما يقصده العقلاء .

ابن عرفة إن أراد أنه حكم عليه هذا القول بحكم التعدي بقيد كون الدنانير والدراهم قائمة بعينها فمسلم ، وإن أراد أنه بحكم التعدي مطلقا وهو ظاهر كلامه ، رد بأنه لا فائدة في الحكم عليه حينئذ بالتعدي لأن الواجب عليه بتعديه غرم مثل دنانير الآمر ويجب على الآمر غرم مثله وهذا لا فائدة فيه ا هـ .

( أو ) أي ولا خيار للموكل إن قال لوكيله اشتر ( شاة ) مثلا ( بدينار ) مثلا دفعه له ( فاشترى ) الوكيل ( به ) أي الدينار شاتين ( اثنتين لم يمكن إفراد ) إحدا ( هما ) عن [ ص: 384 ] الأخرى بالشراء لامتناع البائع منه ( وإلا ) أي وإن كان يمكن إفراد إحداهما بالشراء واشتراهما واحدة بعد واحدة أو في عقد واحد لزمت الأولى إن اشتراهما واحدة بعد واحدة ، وإحداهما إن اشتراهما معا الموكل .

( خير ) بضم الخاء المعجمة وكسر المثناة مشددة الموكل ( في ) أخذ الشاة ( الثانية ) وتركها للوكيل بحصتها من الثمن عند ابن القاسم ، وقال أصبغ تلزمان الموكل . ابن عرفة من وكل على شراء جارية موصوفة بثمن فاشترى به جاريتين بصفتها فقال اللخمي إن اشتراهما في عقدتين أو كانت إحداهما على غير الصفة لزمت الأولى أو التي على الصفة والآمر في الأخرى بالخيار ، وإلا فقال محمد إن لم يقدر على غيرهما لزمتا الآمر ابن القاسم هو بالخيار في أخذهما أو إحداهما بمنابها من الثمن أصبغ يلزمانه مطلقا عبد الحق هو بالخيار في أخذهما أو تركهما .

وقول محمد إن لم يقدر على شراء واحدة لزمتاه أحسن ، ولا يختلف فيه إنما الخلاف إن قدر المازري يحتج لأصبغ { بحديث حكيم بن حزام أنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يشتري له شاة بدينار فاشترى له شاتين بدينار وباع واحدة منهما بدينار وأتاه بشاة ودينار فدعا له بالبركة ، فكان لو اشترى له ترابا لربح فيه } ، فلو لا أن الشاة المبيعة لازمة له صلى الله عليه وسلم وصارت على ملكه لم يأخذ ثمنها ولا أقره على ذلك ، وقيل إن الشاة المبيعة لو لم تكن على ملك حكيم لما باعها ولا أقره النبي صلى الله عليه وسلم على بيعها وإنما باعها على ملكه ، وكان للنبي صلى الله عليه وسلم الخيار في قبولها ، لأن الشراء كان له صلى الله عليه وسلم .

قلت حديث حكيم لم أعلمه إلا من طريق الترمذي من أبي حصين عن حبيب بن ثابت بن حكيم بن أبي حازم { أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث حكيم بن حزام يشتري له أضحية بدينار فاشترى الأضحية فربح فيها دينارا فاشترى أخرى مكانها فجاء بالأضحية والدينار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ضح بالشاة وتصدق بالدينار } ، قال الترمذي حديث حكيم لا أعرفه إلا من هذا الوجه . وروى البخاري عن شبيب بن عروة قال سمعت أكثر من واحد يحدثون عن عروة { أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا ليشتري شاة قال فاشتريت شاتين [ ص: 385 ] فبعت إحداهما بدينار وجئت بالشاة والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما كان من الأمر فقال بارك الله لك في صفقة يمينك ، فكان يخرج إلى سوق الكوفة فيربح الربح العظيم } . قلت فالاستدلال بحديث عروة هو الصواب لا بحديث حكيم ، وقول ابن القاسم هو في سماعه عيسى بن رشد قول محمد خلاف قول ابن القاسم هذا .

( أو ) أي ولا خيار لك يا موكل إن دفعت لوكيلك مالا وقلت له أسلمه في كذا فأسلمه فيه و ( أخذ ) الوكيل بغير أمرك ( في سلمك ) يا موكل الذي وكلته عليه ( حميلا ) بالمسلم فيه من المسلم إليه لأنه توثق ومصلحة لك ( أو ) أخذ لك في سلمك ( رهنا ) بالمسلم فيه من المسلم إليه لذلك ( وضمنه ) أي الوكيل الرهن الذي يغاب عليه الذي أخذ من المسلم إليه في سلمك إن تلف ( قبل علمك ) يا موكل ( به ) أي الرهن ( ورضاك ) يا موكل ( به ) ومفهوم قبل علمك به . . . إلخ أن ضمانه بعدهما منك ، وهو كذلك زاد في المدونة إن رددته لم يكن للوكيل حبسه .

" ق " فيها لابن القاسم من أمرته أن يسلم لك في طعام ففعل وأخذ رهنا أو حميلا بغير أمرك جاز لأنه زيادة توثق وهو قول الإمام مالك رضي الله تعالى عنه . ابن القاسم فإن هلك الرهن قبل علمك به فهو من الوكيل ، وإن هلك بعد علمك به ورضاك فهو منك وإن رددته لم يكن للوكيل حبسه .

( وفي ) تخيير الموكل وعدمه عند قوله لوكيله بع هذا الشيء ب ( ذهب ) فخالفه وباعه بدراهم ( في ) بيعه ( بدراهم وفي عكسه ) أي المذكور بأن قال له بعه بدراهم فباعه بذهب ( قولان ) المازري على أنهما جنسان أو جنس ، والمعتد اعتبار عادة المتعاملين في تساويهما وعدمه . اللخمي محلهما عند اتحاد قيمة الدنانير والدراهم . ابن عرفة الأظهر أنهما جنسان قاله تت " ق " اللخمي اختلف إن أمره أن يبيع بدنانير فباع بدراهم أو بدراهم فباع بدنانير وما باع به مثل ما سمى له في القيمة ، وأرى أنه ماض لسد [ ص: 386 ] كل منهما مسد الآخر إلا أن يعلم أنه كان لغرض الآمر فيرد البيع فيه إن كان المبيع قائما فإن فات وغاب المشتري فالآمر بالخيار بين أن يجيز أو يباع الثمن ويشتري به مثل ما أمر المازري في هذا الأصل قولان بناء على أنهما جنس أو جنسان . ابن عرفة الأظهر أنهما جنسان لأنه لو أودعه دنانير فتسلفها وردها دراهم لم يبرأ اتفاقا ، ولو كان رأس مال القراض دنانير فرده العامل دراهم فلا يلزم رب المال قبولها .




الخدمات العلمية