الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال : رحمه الله ( وإن حجر لا ) يعني وإن حجر الأرض لا يملكها به واختلف في كون التحجير يفيد [ ص: 240 ] التمليك فمنهم من قال يفيد ملكا مؤقتا إلى ثلاث سنين ومنهم من قال لا يفيد ملكا وهو مختار المصنف وهو الصحيح وثمرة الخلاف تظهر فيما إذا جاء إنسان آخر قبل مضي ثلاث سنين وأحياها فإنه يملكها على الثاني ولا يملكه على الأول وجه الأول قول عمر رضي الله تعالى عنه ليس للمحتجر حق بعد ثلاث سنين نفى الحق بعد ثلاث سنين فيكون له الحق في ثلاث سنين وجه الثاني أن الإحياء جعلها صالحة للزراعة ، والتحجر للإعلام ، مشتق من الحجر وهو المنع بوضع حجر أو بحصاد ما فيها من الحشيش والشوك أو بإحراق ما فيها من الشوك وكل ذلك لا يفيد الملك فبقيت مباحة على حالها لكنه هو أولى بها ولا تؤخذ إلا بعد مضي ثلاث سنين فإذا لم يعمرها أخذها منه ودفعها إلى غيره لأنه إنما كان دفعها إليه ليعمرها فتحصل المنفعة للمسلمين بالعشر أو الخراج فإذا لم يحصل المقصود فلا فائدة في تركها في يده نظير الاستباحة وهو بناء السبيل وحفر المعدن في هذا الحكم فإن قلت إذا كان الدفع لأجل العشر أو الخراج فيقتضي هذا الدليل أن للإمام أن يأخذها ويدفعها إلى غيره بعد الإحياء أيضا إذا كان لم يزرعها تحصيلا لمنفعة المسلمين بالعشر أو الخراج قلنا قد ملكها بالإحياء دون التحجر والإمام لا يملك أن يدفع مملوك أحد إلى غيره لانتفاع المسلمين ، ويقدر أن يدفع غير المملوك إليه لذلك فافترقا وفي المحيط إذا حفر فيها بئرا أو ساق إليها ماء فقد أحياها زرع أو لم يزرع ولو حفر فيها أنهارا لم يكن إحياء إلا أن يجري فيها ولو حفر فيها ولم يبلغ الماء لم يكن إحياء ويكون تحجيرا . ا هـ .

                                                                                        . قناة بين رجلين أحيا أحدهما أرضا ميتة ليس له أن يسقيها من القناة أو يجعل شربه منها لأن هذه الأرض ليس فيها حق في هذا الشرب فليس له ذلك بغير إذن شريكه فإذا حفر رجلان بنفقتهما بئرا في أرض موات على أن يكون البئر لأحدهما والحريم للآخر لم يجز للاصطلاح على غير موجب الشرع فإن الشرع جعل الحريم تبعا للبئر ليتمكن صاحب البئر من الانتفاع وكان الحريم لمالك البئر فإن كان البئر لواحد فالحريم له وإن كان البئر بينهما فالحريم بينهما ولو شرطا على أن يكون البئر لواحد والحريم له وإن كان البئر بينهما على أن ينفق أحدهما أكثر ولا يرجع به فالشرط باطل ويرجع بالزائد ; لأن الشركة تقتضي المساواة في الأصل والنفقة وفي الغياثية لو أقطع الإمام رجلا أرضا فتركها ثلاث سنين لا يعمر فيها بطل الانتفاع ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية