الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن قال ) له ( علي درهم في عشرة ) أو درهم في دينار ( فإن أراد المعية لزمه أحد عشر ) أو الدرهم والدينار ؛ لأن في تأتي بمعنى مع كادخلوا في أمم أي معهم واستشكله الإسنوي وغيره بشيئين أحدهما جزمهم في درهم مع درهم بأنه يلزمه درهم لاحتمال أن يريد مع درهم لي فمع نيته أولى وأجاب البلقيني بأن فرض ما ذكر أنه لم يرد الظرف ، بل المعية فوجب أحد عشر وفرض درهم مع درهم أنه أطلق ، وهو محتمل الظرف أي مع درهم لي فلم يجب إلا واحد فالمسألتان على حد سواء وفيه تكليف ينافيه ظاهر كلامهم في الثاني أنه يلزمه الدرهم مطلقا أي ما لم ينو مع درهم يلزمني كما هو ظاهر وأجاب غيره بأن نية المعية تجعل في عشر بمعنى وعشرة بدليل تقديرهم جاء زيد وعمرو بمع عمرو بخلاف لفظة مع فإن غايتها المصاحبة وهي تصدق بمصاحبة درهم للمقر وفيه نظر وتكلف وليست الواو بمعنى مع بل تحتملها وغيرها وقد يجاب بأن مع درهم صريح في المصاحبة الصادقة بدرهم له ولغيره فليس فيها تصريح بلزوم الدرهم الثاني ، بل ولا إشارة إليه فلم يجب فيها إلا واحد ، وأما في عشرة فهو صريح في الظرفية المقتضية للزوم واحد فقط فنية مع بها قرينة ظاهرة على أنه لم يرد ما يراد بمع درهم [ ص: 386 ] ؛ لأنه يرادفها ، بل ضم العشرة إلى الدرهم فوجب الأحد عشر والحاصل أن الدرهم لازم فيهما والدرهم الثاني في مع درهم لم تقم قرينة على لزومه والعشرة قامت قرينة على لزومها إذ لولا أن نية المعية تفيد معنى زائدا على الظرفية التي هي صريح اللفظ لما أخرجه عن مدلوله الصريح إلى غيره فتأمله .

                                                                                                                              ثانيهما ينبغي أن العشرة مبهمة كالألف ، في ألف ودرهم بالأولى وأجاب الزركشي بأن العطف في هذه يقتضي مغايرة الألف للدراهم فبقيت على إبهامها بخلافه في درهم في عشرة وأجاب غيره بأن العشرة هنا عطفت تقديرا على مبين فتخصصت به إذ الأصل مشاركة المعطوف للمعطوف عليه وثم عطف المبين على الألف فلم يخصصها وفيه نظر إذ قضيته أنه في ألف درهم وعشرة تكون العشرة دراهم وكلامهم يأباه فالذي يتجه الفرق بأن في الظرفية المقترنة بنية المعية إشعارا بالتجانس والاتحاد لاجتماع أمرين كل منهما مقرب لذلك بخلاف ألف ودرهم فإن فيه مجرد العطف ، وهو لا يقتضي بمفرده صرف المعطوف عليه عن إبهامه الذي هو مدلول لفظه ثم رأيت السبكي أجاب بأن المراد بنية مع بذلك أنه أراد مع عشرة دراهم له وجرى عليه غير واحد وعليه ، فلا يرد شيء من الإشكالين ولا يحتاج لشيء من تلك الأجوبة ، وهو ظاهر لولا أن ظاهر كلامهم ، أو صريحه أنه لم يرد إلا مجرد معنى مع عشرة فعليه يرد الإشكالان ويحتاج إلى الجواب عنهما بما ذكر ( أو ) أراد ( الحساب ) وعرفه ( فعشرة ) لأنه موجبه ( وإلا ) يرد المعية في الأول بل أراد الظرفية ، أو أطلق ولا الحساب في الثاني أو أراده ولم يعرف معناه ( فدرهم ) لأنه اليقين .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وقد يجاب بأن مع درهم صريح إلخ ) أقول ما المانع من أنهم أرادوا بإرادة المعية إرادة مع عشرة من الدراهم له ؟ وحينئذ يندفع هذا الإشكال والإشكال الآتي ، ثم رأيته فيما يأتي نقل الجواب بذلك عن السبكي فلله الحمد ( قوله فنية مع بها قرينة ظاهرة إلخ ) لا نسلم كونها قرينة فضلا عن كونها ظاهرة ؛ لأن في تحتمل معاني معنى مع والحساب والظرفية ، فإرادة معنى مع بها احتراز عن إرادة بقية المعاني التي لها ، فكيف يقال إن نية مع قرينة على عدم إرادة معنى مع وكيف يقال ؛ لأنه يرادفها وهي أعم منه كما تبين ؟ وقد ظهر بهذا معنى الملازمة التي ادعاها في الحاصل بقوله إذ لولا إلخ وذلك ؛ لأن استعمال " في " في معنى مع ليس من باب إخراجها عن مدلولها الصريح بل من باب تخصيص اللفظ بأحد محتملاته الذي لا يقتضي معنى الضم في الملزوم ؛ لأن معنى مع لا يقتضي ذلك [ ص: 386 ] وقوله يفيد معنى زائدا على الظرفية يقال عليه معنى مع مقابل لمعنى الظرفية ولا يقتضي زيادة على مجرد المصاحبة فتأمل بلطف ( قوله ثم رأيت السبكي أجاب إلخ ) الوجه التعويل على جواب السبكي لظهور المعنى عليه ، وكلامهم لا ينافيه ، بل قواعدهم تقتضيه قطعا ودعوى أن كلامهم صريح في خلافه غير صحيح قطعا أو أنه ظاهر في خلافه بل لا يكون إلا ظاهرا فيه فأحسن التأمل

                                                                                                                              ( قوله أو صريحة ) ممنوع قطعا ( قوله في الأول إلخ ) الوجه إسقاط في الأول وفي الثاني ، إذ لا أول هنا ولا ثاني فتأمله



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أو درهم في دينار ) إلى الفصل في النهاية إلا قوله : فمع نيته إلي فلم يجب وقوله : في الأول وقوله : في الثاني قول المتن ( فإن أراد المعية ) أي بأن قال أردت مع عشرة دراهم له . ا هـ . مغني ويأتي عن السبكي ما يوافقه ، وإن لم يرتض به الشارح

                                                                                                                              ( قوله أو الدرهم والدينار ) راجع إلى قوله : أو درهم في دينار

                                                                                                                              ( قوله : واستشكله ) أي ما في المتن من لزوم أحد عشر درهما فيما ذكر ( قوله : فمع نيته ) أي نية مع ( قوله : فرض ما ذكر ) أي ما في المتن ( قوله : أطلق ) أي لم يرد المعية ( قوله : فالمسألتان على حد سواء ) أي فعند الإطلاق يلزم فيهما المرفوع فقط وعند إرادة المعية يلزم فيهما المجرور أيضا ( قوله : وفيه تكلف ) أي في جواب البلقيني ( قوله : أنه يلزمه . إلخ ) بيان الظاهر كلامهم ( قوله وأجاب غيره ) أي غير البلقيني ( قوله : بأن نية المعية . إلخ ) عبارة المغني بأن قصد المعية في قوله : درهم في عشرة بمثابة حرف العطف والتقدير له درهم وعشرة ولفظ المعية مرادف لحرف العطف بدليل تقديرهم في جاء زيد وعمر وبقولهم مع عمر وبخلاف قوله : له علي درهم مع درهم فإن مع فيه لمجرد المصاحبة والمصاحبة تصدق بمصاحبة درهم بدرهم وغيره ولا يقدر فيها عطف بالواو . ا هـ . ( قوله : وليست الواو . إلخ ) أي في جاء زيد وعمرو ( قوله : وقد يجاب ) أي عن أصل الإشكال ( قوله : بأن مع درهم صريح . إلخ ) أقول ما المانع من أنهم أرادوا بإرادة المعية إرادة مع عشرة من الدراهم له وحينئذ يندفع هذا الإشكال والإشكال الآتي ثم رأيته فيما يأتي نقل الجواب بذلك عن السبكي فلله الحمد . ا هـ . سم

                                                                                                                              ( قوله : له ) أي المقر له ( قوله : ولغيره ) أي وبدرهم لغير المقر به ( قوله : فنية مع بها ) أي نية المعية بفي عشرة ( قوله : قرينة ظاهرة . إلخ ) لا نسلم كونها قرينة فضلا عن كونها ظاهرة ؛ لأن في تحتمل معاني ، معنى مع والحساب والظرفية فإرادة معنى مع بها احتراز عن إرادة بقية المعاني التي لها فكيف يقال إن نية مع قرينة على عدم إرادة معنى وكيف يقال ؛ لأنه يرادفها وهي أعم منه لما تبين فقد ظهر بهذا منع الملازمة التي أعادها في الحاصل بقوله : إذ لولا . إلخ وذلك ؛ لأن استعمال في معنى مع ليس من باب إخراجها عن مدلولها الصريح بل من باب تخصيص اللفظ بأحد محتملاته الذي لا يقتضي معنى الضم في اللزوم ؛ لأن معنى مع لا يقتضي ذلك وقوله تفيد معنى زائدا على الظرفية يقال عليه معنى مع مقابل لمعنى الظرفية ولا يقتضي زيادة على مجرد المصاحبة فتأمل بلطف . ا هـ . سم أقول وقوله : لا نسلم . إلخ لا مجال لعدم تسليم ذلك بعد تسليم ما قبله المفرع عليه ذلك وقوله : لأن في تحتمل معاني . إلخ الظاهر على سبيل المساواة ، وهو ظاهر المنع وقوله : وكيف يقال ؛ لأنه يرادفها جوابه أن مراد الشارح بقوله ذلك المساواة في المفاد لا الترادف الأصولي وقوله : ليس من باب إخراجها عن مدلولها الصريح . إلخ ظاهر المنع كما هو صريح المغني عبارته وأيضا فقوله : درهم مع درهم صريح في المعية ودرهم في عشرة صريح في الظرفية فإذا نوى بالثانية المعية لزمه الجميع عملا [ ص: 386 ] بنيته ومع إرادته المعية لم يصح تقدير المعية بالمصاحبة لدراهم أخر ؛ لأن فيه تكثير المجاز وهو ممتنع وأيضا امتنع ذلك ؛ لأن المعية مستفادة لا من اللفظ ، بل من نيته فلو قدر معه مجازا لإضمار لكثر المجاز ، وأما قوله : درهم مع درهم آخر فهو ظاهر في المعية المطلقة فإذا أطلق لم يلزمه إلا درهم ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : لأنه ) أي ما يراد بمع درهم ، وهو المصاحبة الصادقة بعشرة له ولغيره و ( قوله : يرادفها ) أي الظرفية ( قوله : بل ضم العشرة ) أي : بل أرد ضم . إلخ . ا هـ . ع ش ( قوله : ثانيهما ) أي ثاني الشيئين ( قوله : مغايرة الألف للدرهم ) في أصله للدراهم . ا هـ . سيد عمر ( قوله : بخلافه ) أي الأمر ( قوله : عطفت تقديرا ) أي لما تقدم أن نية المعية تجعل في عشرة بمعنى وعشرة ( قوله : لاجتماع أمرين إلخ ) وهما الظرفية والمعية ( قوله : مدلول لفظه ) أي لفظ المعطوف عليه . ا هـ . كردي ( قوله : رأيت السبكي . إلخ ) الوجه التعويل على جواب السبكي لظهور المعنى عليه وكلامهم لا ينافيه ، بل قواعدهم تقتضيه قطعا ودعوى أن كلامهم صريح في خلافه غير صحيح قطعا ، أو أنه ظاهر في خلافه لا أثر له ، بل كلامهم مع ملاحظة المعنى وقواعدهم لا يكون إلا ظاهرا فيه فأحسن التأمل سم على حج . ا هـ . رشيدي

                                                                                                                              ( قوله : أجاب بأن المراد إلخ ) تقدم عن المغني ما يوافقه ( قوله بذلك ) أي بقي عشرة ( قوله : أو صريحه ) ممنوع قطعا . ا هـ . سم ( قوله : إلا مجرد معنى مع عشرة ) وهو المصاحبة الصادقة بعشرة له ولغيره ( قوله : في الأول . إلخ ) الوجه إسقاط في الأول وفي الثاني إذ لا أول هنا ولا ثاني فتأمله . ا هـ . سم عبارة النهاية والمغني وإلا بأن لم يرد المعية ولا الحساب بأن أطلق ، أو أراد الظرف فدرهم لأنه المتيقن . ا هـ . ومعلوم أن مراد الشارح بالأول قول المصنف فإن أراد المعية وبالثاني قوله : أو الحساب فأفاد بهما أن قول المصنف : وإلا رجع للمعطوفين جميعا .




                                                                                                                              الخدمات العلمية