الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ويقولون طاعة ؛ [ ص: 81 ] قال النحويون : تقديره : " أمرنا طاعة " ؛ وقال بعضهم : " منا طاعة " ؛ والمعنى واحد؛ إلا أن إضمار " أمرنا " ؛ أجمع في القصة؛ وأحسن؛ وقوله : فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول ؛ يقال لكل أمر قد قضي بليل : " قد بيت " ؛ قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        أتوني فلم أدر ما بيتوا ... وكانوا أتوني لأمر نكر



                                                                                                                                                                                                                                        أي : فلست حفيظا عليهم تعلم ما يغيب عنك من شأنهم؛ وهذا ونظائره في كتاب الله من أبين آيات النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم ما كانوا يخفون عنه أمرا إلا أظهره الله عليه. وقوله - جل وعز - : والله يكتب ما يبيتون ؛ فيه وجهان؛ يجوز أن يكون - والله أعلم - ينزله إليك في كتابه؛ وجائز أن يكون " يكتب ما يبيتون " ؛ يحفظه عليهم؛ ليجازوا به؛ وقوله : فأعرض عنهم وتوكل على الله ؛ أي : لا تسم هؤلاء بأعيانهم؛ لما أحب الله من ستر أمر المنافقين إلى أن يستقيم أمر الإسلام؛ فأما قوله : بيت طائفة منهم ؛ فذكر؛ ولم يقل : " بيتت " ؛ فلأن [ ص: 82 ] كل تأنيث غير حقيقي فتعبيره بلفظ التذكير جائز؛ تقول : " قالت طائفة من أهل الكتاب " ؛ و " قال طائفة من المسلمين " ؛ لأن " طائفة " ؛ و " فريقا " ؛ في معنى واحد؛ فكذلك قوله - عز وجل - : فمن جاءه موعظة من ربه ؛ وقوله : يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ؛ يعني الوعظ؛ إذا قلت : " فمن جاءه موعظة " ؛ وقرأ القراء : " بيت طائفة " ؛ على إسكان التاء؛ وإدغامها في الطاء؛ وروي عن الكسائي أن ذلك إذا كان في فعل فهو قبيح؛ ولا فرق في الإدغام ههنا في فعل كان؛ أو في اسم؛ لو قلت : " بيت طائفة " ؛ و " هذا بيت طائفة " ؛ وأنت تريد " بيت طائفة " ؛ كان واحدا؛ وإنما جاز الإدغام لأن التاء والطاء من مخرج واحد.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية