الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون

                                                                                                                                                                                                                                      لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام أو لكل أحد و"تجد" إما متعد إلى اثنين فقوله تعالى: يوادون من حاد الله ورسوله مفعوله الثاني أو إلى واحد فهو حال من مفعوله لتخصصه بالصفة وقيل: صفة أخرى له أي: قوما جامعين بين الإيمان بالله واليوم الآخر وبين موادة أعداء الله ورسوله، والمراد [ ص: 224 ] بنفي الوجدان: نفي الموادة على معنى: أنه لا ينبغي أن يتحقق ذلك وحقه أن يمتنع ولا يوجد بحال وإن جد في طلبه كل أحد. ولو كانوا أي: من حاد الله ورسوله والجمع باعتبار معنى "من"، كما أن الإفراد فيما قبله باعتبار لفظها. آباءهم آباء الموادين. أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم فإن قضية الإيمان بالله تعالى أن يهجر الجميع بالمرة والكلام في "لو" قد مر على التفصيل مرارا. أولئك إشارة إلى الذين لا يوادونهم وإن كانوا أقرب الناس إليهم وأمس رحما وما فيه من معنى البعد لرفعة درجتهم في الفضل، وهو مبتدأ خبره كتب في قلوبهم الإيمان أي: أثبته فيها وفيه قطعا ولا شيء من أعمال الجوارح يثبت فيه. وأيدهم أي: قواهم. بروح منه أي: من عند الله تعالى وهو نور القلب أو القرآن أو النصر على العدو، وقيل: الضمير للإيمان لحياة القلوب به فـ"من" تجريدية، وقوله تعالى: ويدخلهم ...إلخ بيان لآثار رحمته الأخروية إثر بيان ألطافه الدنيوية أي: ويدخلهم في الآخرة. جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبد الآبدين. وقوله تعالى: رضي الله عنهم استئناف جار مجرى التعليل لما أفاض عليهم من آثار رحمته العاجلة والآجلة. وقوله تعالى: ورضوا عنه بيان لابتهاجهم بما أوتوه عاجلا وآجلا. وقوله تعالى: أولئك حزب الله تشريف لهم ببيان اختصاصهم به عز وجل. وقوله تعالى: ألا إن حزب الله هم المفلحون بيان لاختصاصهم بالفوز بسعادة الدارين والفوز بسعادة النشأتين والكلام في تحلية الجملة بفنون التأكيد كما مر في مثلها.

                                                                                                                                                                                                                                      عن النبي عليه الصلاة والسلام "من قرأ سورة المجادلة كتب من حزب الله يوم القيامة".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية