الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          495 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          ومن أتى مسجدا قد صليت به صلاة فرض جماعة بإمام راتب وهو لم يكن صلاها : فليصلها في جماعة ، ويجزئه الأذان الذي أذن فيه قبل ، وكذلك الإقامة ، ولو أعادوا أذانا وإقامة : فحسن ، لأنه مأمور بصلاة الجماعة ، وأما الأذان [ ص: 155 ] والإقامة : فإنه لكل من صلى تلك الصلاة في ذلك المسجد ممن شهدهما أو ممن جاء بعدهما ؟ وهو قول أحمد بن حنبل ، وأبي سليمان ، وغيرهما ؟ وقال مالك : لا تصلى فيه جماعة أخرى إلا أن لا يكون له إمام راتب .

                                                                                                                                                                                          واحتج له مقلدوه بأنه قال هذا قطعا لأن يفعل ذلك أهل الأهواء ؟

                                                                                                                                                                                          قال علي : ومن كان من أهل الأهواء لا يرى الصلاة خلف أئمتنا فإنهم يصلونها في منازلهم ، ولا يعتدون بها في المسجد مبتدأة أو غير مبتدأة مع إمام من غيرهم .

                                                                                                                                                                                          فهذا الاحتياط لا وجه له ، بل ما حصلوا إلا على استعجال المنع مما أوجبه الله تعالى من أداء الصلاة في جماعة خوفا من أمر لا يكاد يوجد ممن لا يبالي باحتياطهم ؟ ولقد أخبرني يونس بن عبد الله القاضي قال : كان محمد بن بقي بن زرب القاضي إذا دخل مسجدا قد جمع فيه إمامه الراتب - وهو لم يكن صلى تلك الصلاة بعد - جمع بمن معه في ناحية المسجد ؟ قال علي : القصد إلى ناحية المسجد بذلك عجب آخر

                                                                                                                                                                                          قال علي : وأما نحن فإن من تأخر عن صلاة الجماعة لغير عذر ، لكن قلة اهتبال ، أو لهوى ، أو لعداوة مع الإمام - : فإننا ننهاه ، فإن انتهى وإلا أحرقنا منزله ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          والعجب أن المالكيين يقولون : فإن صلوها فيه جماعة أجزأتهم فيا لله ويا للمسلمين أي راحة لهم في منعهم من صلاة جماعة تفضل صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة ؟ وهي عندهم جازية عمن صلاها فأي اختيار أفسد من هذا ؟

                                                                                                                                                                                          وروينا عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد عن الجعد أبي عثمان قال : جاءنا أنس بن مالك عند الفجر وقد صلينا فأقام وأم أصحابه ؟ وروينا أيضا : أنه كان معه نحو عشرة من أصحابه فأذن وأقام ثم صلى بهم .

                                                                                                                                                                                          وروينا أيضا : من طريق معمر وحماد بن سلمة عن أبي عثمان عن أنس وسماه حماد فقال : في مسجد بني رفاعة ؟

                                                                                                                                                                                          [ ص: 156 ] وعن ابن جريج قلت لعطاء : نفر دخلوا مسجد مكة خلاف الصلاة ليلا أو نهارا ، أيؤمهم أحدهم ؟ قال : نعم ، وما بأس ذلك ؟

                                                                                                                                                                                          وعن سفيان الثوري عن عبد الله بن يزيد : أمني إبراهيم في مسجد قد صلي فيه ، فأقامني عن يمينه بغير أذان ولا إقامة وعن معمر صحبت أيوب السختياني من مكة إلى البصرة ، فأتينا مسجد أهل ماء قد صلي فيه ، فأذن أيوب وأقام ثم تقدم فصلى بنا ؟ وعن حماد بن سلمة عن عثمان البتي قال : دخلت مع الحسن البصري وثابت البناني مسجدا قد صلى فيه أهله ، فأذن ثابت وأقام ، وتقدم الحسن فصلى بنا ، فقلت : يا أبا سعيد : أما يكره هذا ؟ قال : وما بأسه

                                                                                                                                                                                          قال علي هذا مما لا يعرف فيه لأنس مخالف من الصحابة رضي الله عنهم

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة : ثنا عبدة بن سليمان عن سعيد بن أبي عروبة عن سليمان هو ابن الأسود الناجي عن أبي المتوكل هو علي بن داود الناجي عن أبي سعيد الخدري قال { جاء رجل وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أيكم يتجر على هذا ، فقام رجل فصلى معه }

                                                                                                                                                                                          قال علي : لو ظفروا بمثل هذا لطاروا به كل مطار

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية