الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا محمد بن أحمد بن محمد العبدي ، ثنا أبي ، ثنا أبو بكر بن عبيد القرشي ، ثنا محمد بن يحيى الأزدي ، ثنا جعفر الرازي ، عن أبي جعفر السائح ، أخبرنا ابن وهب وغيره يزيد بعضهم على بعض في الحديث : أن عامر بن عبد قيس [ ص: 89 ] كان من أفضل العابدين ، وفرض على نفسه كل يوم ألف ركعة ، يقوم عند طلوع الشمس فلا يزال قائما إلى العصر ، ثم ينصرف وقد انتفخت ساقاه وقدماه فيقول : يا نفس إنما خلقت للعبادة يا أمارة بالسوء ، فوالله لأعملن بك عملا حتى لا يأخذ الفراش منك نصيبا ، قال : وهبط واديا يقال له وادي السباع ، في الوادي عابد حبشي يقال له : حممة ، فانفرد عامر في ناحية وحممة في ناحية يصليان ، لا هذا ينصرف إلى هذا ولا هذا ينصرف إلى هذا أربعين يوما وأربعين ليلة ، إذا جاء وقت الفريضة صليا ثم أقبلا يتطوعان ، ثم انصرف عامر بعد أربعين يوما فجاء إلى حممة ، فقال : من أنت يرحمك الله ؟ قال : دعني وهمي ، قال : أقسمت عليك ، قال : أنا حممة ، قال عامر : لئن كنت حممة الذي ذكر لي لأنت أعبد من في الأرض ، أخبرني عن أفضل خصلة ؟ قال : إني لمقصر ولولا مواقيت الصلاة تقطع علي القيام والسجود لأحببت أن أجعل عمري راكعا ووجهي مفترشا حتى ألقاه ، ولكن الفرائض لا تدعني أفعل ذلك ، فمن أنت رحمك الله ؟ قال :أنا عامر بن عبد قيس ، قال : إن كنت عامرا الذي ذكر لي فأنت أعبد الناس ، فأخبرني بأفضل خصلة ؟ قال : إني لمقصر ولكن واحدة ، عظمت هيبة الله في صدري حتى ما أهاب شيئا غيره ، فاكتنفته السباع فأتاه سبع فوثب عليه من خلفه فوضع يديه على منكبه وعامر يتلو هذه الآية : ( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ) فلما رأى السبع أنه لا يكترث به ذهب ، قال حممة : بالله يا عامر ما هالك ما رأيت ؟ قال : إني لأستحي من الله عز وجل أن أهاب شيئا غيره ، قال حممة : لولا أن الله عز وجل ابتلانا بالبطن فإذا أكلنا لا بد لنا من الحدث ما رآني ربي إلا راكعا أو ساجدا ، وكان يصلي في اليوم ثمانمائة ركعة ، وكان يقول : إني لمقصر في العبادة ، وكان يعاتب نفسه .

              حدثنا أبي ، ثنا أبو الحسن ، ثنا شعيب بن محرز ، ثنا سهل أخو حزم ، قال : بلغني عن عامر بن عبد قيس أنه كان يقول : أحببت الله عز وجل حبا سهل علي كل مصيبة ورضاني في كل قضية ، فما أبالي مع حبي إياه ما أصبحت عليه [ ص: 90 ] وما أمسيت .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا كثير بن هشام ، عن جعفر بن برقان ، ثنا ميمون بن مهران : أن عامر بن عبد قيس بعث إليه أمير البصرة ، فقال : إن أمير المؤمنين أمرني أن أسألك ما لك لا تزوج النساء ؟ قال :ما تركتهن وإني لدائب في الخطبة ، قال : وما لك لا تأكل الجبن ؟ قال :أنا بأرض فيها مجوس ، فما شهد شاهدان من المسلمين أن ليس فيه ميتة أكلته ، قال : وما يمنعك أن تأتي الأمراء ؟ قال :إن لدى أبوابكم طلاب الحاجات فادعوهم واقضوا حوائجهم ، ودعوا من لا حاجة له إليكم .

              حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا محمد بن عمر بن علي بن نهشل بن قيس العبدي ، قال : سمعت صخر بن أبي صخر ، قال : قال عامر بن عبد قيس : أنا من أهل الجنة ؟ أوأنا من أهل الجنة ؟ أومثلي يدخل الجنة ؟ .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية