الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5035 [ 2909 ] وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلا . قالت : فغرت عليه فرأى ما أصنع ، فقال : ما لك يا عائشة أغرت ؟ فقلت : وما لي لا يغار مثلي على مثلك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقد جاءك شيطانك ؟ قالت : يا رسول الله أومعي شيطان ؟ قال : نعم ، قلت : ومع كل إنسان ؟ قال : نعم ، قلت : ومعك يا رسول الله ؟ قال : نعم ، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم .

                                                                                              رواه أحمد (6 \ 115) ، ومسلم (2815) .

                                                                                              [ ص: 401 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 401 ] (25) ومن سورة ق

                                                                                              اختلف فيه ، فقال ابن عباس : هو اسم لله عز وجل ، وقال قتادة : اسم للقرآن ، وقال الضحاك : اسم الجبل المحيط بالأرض ، وهو من زبرجدة خضراء ، وعروق الجبال منها ، وقال عطاء : هو قوة قلب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى تلك الأوجه : هو قسم ، وعطف : والقرآن المجيد عليه . والقرين : فعيل بمعنى المقارن الملازم الذي لا يفارق ، وأصله من القرن : وهو الحبل الذي يجمع به بين شيئين فيتلازمان بسببه ، كما قال الشاعر :


                                                                                              وابن اللبون إذا ما لز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس

                                                                                              وقد تقدم أن الشيطان وزنه فيعال ، من شطن ; أي : بعد عن الخير ، أو من شاط : إذا احتد واحترق ، وإنه إنما يقال على المارد من الجن ، وهو الكثير الشر الشديد الضر .

                                                                                              و (قوله : " إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ") . جمهور الرواة يقولون : فأسلم ، بفتح الميم ، ويريدون أن الشيطان صار مسلما . وكان سفيان بن عيينة يقول : فأسلم [ ص: 402 ] بضم الميم ، والمعنى فأسلم أنا من شره ، وكان ينكر القول الأول ، ويقول : الشيطان لا يسلم .

                                                                                              قلت : وهذا له موقع ، غير أنه يبعده قوله : " فلا يأمرني إلا بخير " ، فحينئذ يزول عنه اسم الشيطان ويصير مسلما ، ويكون هذا مؤيدا لرواية الجمهور . فالذي لأجله فر سفيان من إسلام الشيطان ، يلزمه في كونه لا يأمره إلا بخير . وقد روي هذا الحديث في مسند أحمد بن حنبل بلفظ آخر ، وقال : " لا يأمرني إلا بخير " . وأما لفظ حديث عائشة - رضي الله عنها - فهو في الوجه الأول واضح ، فإنها قالت فيه : " ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم " . والظاهر منه : أن الشيطان هو الذي أسلم ، مع أنه يحتمل أن يكون (حتى) بمعنى : كي ، ويكون فيه راجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أي : أعانني كي أسلم منه ، والله تعالى أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية