الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في الحلف

                                                                      2925 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر وابن نمير وأبو أسامة عن زكريا عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن جبير بن مطعم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( لا حلف في الإسلام ) : بكسر الحاء المهملة وسكون اللام المعاهدة ، [ ص: 113 ] والمراد به هنا ما كان يفعل في الجاهلية من المعاهدة على القتال والغارات وغيرهما مما يتعلق بالمفاسد ( وأيما حلف ) : ما فيه زائدة ( كان في الجاهلية ) : المراد منه ما كان من المعاهدة على الخير كصلة الأرحام ونصرة المظلوم وغيرهما ( لم يزده الإسلام إلا شدة ) : أي تأكيدا وحفظا على ذلك . كذا في شرح المشارق لابن الملك قال القاضي : قال الطبري : لا يجوز الحلف اليوم ، فإن المذكور في الحديث والموارثة به وبالمؤاخاة كله منسوخ لقوله تعالى وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض وقال الحسن : كان التوارث بالحلف فنسخ بآية المواريث قلت : أما ما يتعلق بالإرث فنسخت فيه المحالفة عند جماهير العلماء ، وأما المؤاخاة في الإسلام والمحالفة على طاعة الله تعالى والتناصر في الدين والتعاون على البر والتقوى وإقامة الحق فهذا باق لم ينسخ ، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة وأما قوله صلى الله عليه وسلم لا حلف في الإسلام فالمراد به حلف التوارث والحلف على ما منع الشرع منه والله أعلم . كذا في شرح صحيح مسلم للنووي رحمه الله .

                                                                      وقال في النهاية : أصل الحلف المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والإنفاق فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله صلى الله عليه وسلم لا حلف في الإسلام وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام كحلف المطيبين وما جرى مجراه فذلك الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم : وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة يريد من المعاقدة على الخير ونصرة الحق ، وبذلك [ ص: 114 ] يجتمع الحديثان ، وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام ، والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام ، وقيل المحالفة كانت قبل الفتح ، وقوله لا حلف في الإسلام ، قاله زمن الفتح . انتهى .

                                                                      وقال ابن كثير بعد إيراد حديث جبير بن مطعم : وهذا نص في الرد على من ذهب إلى التوارث بالحلف اليوم كما هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه ورواية عن أحمد بن حنبل ، والصحيح قول الجمهور ومالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه ، ولهذا قال تعالى : ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون أي ورثة من قراباته من أبويه وأقربيه وهم يرثونه دون سائر الناس . انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم .




                                                                      الخدمات العلمية