الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3671 3672 ص: حدثنا سليمان ، قال : ثنا الخصيب ، قال : ثنا همام ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن جابر بن عبد الله - رضي الله ، عنه - قال : " تمتعنا مع رسول الله - عليه السلام - فلما ولي عمر - رضي الله عنه - خطب الناس ، فقال : إن القرآن هو القرآن وإن الرسول هو الرسول وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله - عليه السلام - : متعة الحج ، فافصلوا بين حجكم وعمرتكم ، فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم ، والأخرى متعة النساء ، فأنهى عنها وأعاقب عليها . .

                                                حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا سليمان بن حرب ، قال : ثنا حماد ، عن عاصم ، عن أبي نضرة ، عن جابر قال : " ( متعتان فعلناهما على عهد رسول الله - عليه السلام - نهانا عنهما عمر - رضي الله عنه - فلم نعد إليهما" . ) .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذان طريقان صحيحان :

                                                الأول : عن سليمان بن شعيب ، عن الخصيب بن ناصح ، عن همام بن يحيى ، عن قتادة ، عن أبي نضرة - بفتح النون وسكون الضاد المعجمة - واسمه المنذر بن مالك بن قطعة العبدي ثم العوقي البصري ، والعوقة بطن من قيس .

                                                وأخرجه مسلم : نا محمد بن المثنى وابن بشار قال ابن مثنى : نا محمد بن جعفر ، قال : نا شعبة ، قال : سمعت قتادة يحدث عن أبي نضرة قال : "كان ابن عباس يأمر بالمتعة وكان ابن الزبير ينهى عنها ، قال : فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله ، فقال : [على يدي دار الحديث] تمتعنا مع رسول الله - عليه السلام - ، فلما قام [ ص: 186 ] عمر - رضي الله عنه - قال : إن الله تعالى كان يحل لرسوله ما شاء [بما شاء] وأن القرآن قد نزل منازله فأتموا الحج والعمرة [لله] كما أمركم الله وأبتوا نكاح هذه النساء فلن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة" .

                                                وحدثنيه زهير بن حرب ، قال : ثنا عفان ، قال : نا همام عن قتادة . . . بهذا الإسناد وقال في الحديث : "فافصلوا حجكم من عمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم" . انتهى .

                                                قوله : "وإنهما كانتا متمتعان" أي أن المتعتين المعهودتين إحداهما متعة الحج والأخرى متعة النساء .

                                                ولا يقال : إنه إضمار قبل الذكر ؛ لأن ذلك كان معهودا بينهم فصار كالملفوظ .

                                                وقوله : "كانتا" بمعنى وجدتا أو وقعتا فكان هنا تامة فلذلك لم تحتج إلى خبر .

                                                قوله : "متعتان" مرفوع لأنه خبر إن في قوله : "إنهما" ، والمعنى إنهما متعتان كانتا على زمن النبي - عليه السلام - .

                                                قوله : "متعة الحج" خبر مبتدأ محذوف أي إحداهما متعة الحج والأخرى متعة النساء وهي التي يكون العقد فيها إلى أجل معين نحو عشر أيام أو شهر ، وسيجيء تحقيق ذلك في بابه إن شاء الله .

                                                قوله : "فافصلوا بين حجكم وعمرتكم" إشارة إلى معنى التمتع ؛ لأن عمر - رضي الله عنه - لم يكن يرى بذلك كما ذكرناه ، وقال الإمام : اختلف في المتعة التي نهى عنها عمر في الحج فقيل : هي فسخ الحج في العمرة وقيل : بل هي العمرة في أشهر الحج والحج بعدها ويكون نهيه عن ذلك على جهة الترغيب فيما هو الأفضل الذي هو الإفراد وليكثر تردد الناس إلى البيت .

                                                الثاني : عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي عن سليمان بن حرب عن حماد بن سلمة عن عاصم بن سليمان الأحول عن أبي نضرة المنذر بن مالك .

                                                [ ص: 187 ] وأخرجه أحمد في "مسنده" : ثنا عبد الصمد ، نا حماد ، عن عاصم ، عن أبي نضرة ، عن جابر قال : "متعتان كانتا على عهد النبي - عليه السلام - فنهانا عنهما عمر - رضي الله عنه - فانتهينا" .




                                                الخدمات العلمية