الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا

                                                                                                                                                                                                                                      واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم شروع في بيان بعض آخر من الأحكام المتعلقة بالنساء إثر بيان أحكام المواريث، واللاتي جمع التي بحسب المعنى دون اللفظ. وقيل: جمع على غير قياس، والفاحشة: الفعلة القبيحة أريد بها الزنا لزيادة قبحه، والإتيان: الفعل والمباشرة، يقال: أتى الفاحشة، أي: فعلها وباشرها وكذا جاءها ورهقها وغشيها، وقرئ "بالفاحشة". فالإتيان بمعناه المشهور و"من" متعلقة بمحذوف وقع حالا من فاعل "يأتين" أي: اللاتي يفعلن الزنا كائنات من نسائكم، أي: من أزواجكم كما في قوله تعالى: والذين يظاهرون من نسائهم وقوله تعالى: من نسائكم اللاتي دخلتم بهن وبه قال السدي. فاستشهدوا عليهن أربعة منكم خبر للموصول والفاء للدلالة على سببية ما في حيز الصلة للحكم، أي: فاطلبوا أن يشهد عليهن بإتيانها أربعة من رجال المؤمنين وأحرارهم. فإن شهدوا عليهن بذلك. فأمسكوهن في البيوت أي: فاحبسوهن فيها واجعلوها سجنا عليهن. حتى يتوفاهن أي: إلى أن يستوفي أرواحهن. الموت وفيه تهويل للموت وإبراز له في صورة من يتولى قبض الأرواح [ ص: 155 ] وتوفيها أو يتوفاهن ملائكة الموت. أو يجعل الله لهن سبيلا أي: يشرع لهن حكما خاصا بهن، ولعل التعبير عنه بالسبيل للإيذان بكونه طريقا مسلوكا فليس فيه دلالة على كونه أخف من الحبس كما قاله أبو مسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية