الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          حدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عمن حدثه عن أبي هريرة أنه كان يقول لأن يصلي أحدكم بظهر الحرة خير له من أن يقعد حتى إذا قام الإمام يخطب جاء يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة قال مالك السنة عندنا أن يستقبل الناس الإمام يوم الجمعة إذا أراد أن يخطب من كان منهم يلي القبلة وغيرها

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          246 242 - ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر ) بن محمد بن عمرو ( بن حزم ) فنسب أبوه إلى جده الأعلى لشهرته الأنصاري المدني الثقة القاضي .

                                                                                                          مات سنة خمس وثلاثين ومائة وهو ابن سبعين سنة .

                                                                                                          ( عمن حدثه عن أبي هريرة أنه كان يقول : لأن يصلي أحدكم بظهر الحرة ) بفتح الحاء المهملة والراء الثقيلة أرض ذات حجارة سود كأنها أحرقت بالنار بظاهر المدينة ( خير له من أن يقعد حتى إذا قام الإمام يخطب جاء يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة ) قال [ ص: 407 ] ابن عبد البر : هذا المعنى مرفوع ، ثم ما أخرجه أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان والحاكم عن أبي سعيد وأبي هريرة قال - صلى الله عليه وسلم - : " من اغتسل يوم الجمعة واستن ومس طيبا إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج حتى أتى المسجد ولم يتخط رقاب الناس ثم ركع ما شاء الله ثم أنصت إذا خرج الإمام فلم يتكلم حتى يفرغ من صلاته كانت كفارة ما بينها وبين الجمعة الأخرى " وأخرج أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال - صلى الله عليه وسلم - : " يحضر الجمعة ثلاثة نفر : رجل حضرها يلغو وهو حظه منها ، ورجل حضرها يدعو فهو رجل دعا الله إن شاء الله أعطاه وإن شاء منعه ، ورجل حضرها بإنصات وسكون ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحدا فهو كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام وذلك بأن الله يقول : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ( سورة الأنعام : الآية 160 ) " وروى أبو داود والبيهقي عن ابن عمر وأيضا مرفوعا : " من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته إن كان لها ولبس من صالح ثيابه ثم لم يتخط رقاب الناس ولم يلغ عند الموعظة كانت كفارة لما بينهما ، ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا " ( قال مالك : السنة عندنا أن يستقبل الناس الإمام يوم الجمعة إذا أراد أن يخطب من كان منهم يلي القبلة وغيرها ) ليتفرغوا لسماع موعظته ويتدبروا كلامه ولا يشتغلوا بغيره ليكون أدعى إلى انتفاعهم ليعملوا بما علموا .

                                                                                                          قال ابن عبد البر : لم يختلفوا في ذلك ولا أعلم فيه حديثا مسندا إلا أن الشعبي قال : من السنة أن يستقبل الإمام يوم الجمعة .

                                                                                                          وقال عدي بن ثابت : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب استقبله أصحابه بوجوههم " وروى البيهقي أن ابن عمر كان يخلو من سبحته يوم الجمعة قبل خروج الإمام فإذا خرج لم يقعد الإمام حتى يستقبله .

                                                                                                          وروى نعيم بن حماد بإسناد صحيح عن أنس أنه كان إذا أخذ الإمام في الخطبة يوم الجمعة استقبله بوجهه حتى يخلو من الخطبة .

                                                                                                          قال ابن المنذر : لا أعلم في ذلك خلافا بين العلماء .

                                                                                                          وحكى غيره عن سعيد بن المسيب والحسن شيئا محتملا ، وقال الترمذي : لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه شيء يعني صريحا .

                                                                                                          وقد استنبط البخاري مما رواه عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس يوما على المنبر وجلسنا حوله أن جلوسهم حوله لسماع كلامه يقتضي نظرهم إليه غالبا ، ولا يشكل عليه القيام في الخطبة لأنه محمول على أنه كان يتحدث وهو جالس على مكان عال وهم جلوس أسفل منه ، وإذا كان ذلك حال الخطبة كان حالها أولى لورود الأمر بالاستماع لها والإنصات عندها .




                                                                                                          الخدمات العلمية