الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            2097 - ذكر مناقب الحارث بن هشام المخزومي رضي الله عنه

                                                                                            2098 - وفاة حارث بن هشام في طاعون عمواس

                                                                                            5260 - حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني ، ثنا الحسن بن الجهم ، ثنا الحسين بن الفرج ، ثنا محمد بن عمر ، قال : الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم .

                                                                                            فحدثني سليط بن مسلم ، عن عبد الله بن عكرمة قال : لما كان يوم الفتح دخل الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة على أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها فاستجارا بها ، فقالا : نحن في جوارك ، فأجارتهما ، فدخل عليهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه فنظر إليهما فشهر عليهما السيف فتفلت عليهما واعتنقته ، وقالت : تصنع بي هذا من بين الناس لتبدأن بي قبلهما ، فقال : تجيرين المشركين ؟ فخرج ، قالت أم هانئ : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، ما لقيت من ابن أمي علي ما كدت أفلت منه ، أجرت حموين لي من المشركين فانفلت عليهما ليقتلهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " ما كان [ ص: 318 ] ذلك له قد أجرنا من أجرت ، وأمنا من أمنت " فرجعت إليهما فأخبرتهما فانصرفا إلى منازلهما ، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة جالسان في ناديهما متنضلين في الملأ المزعفرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " لا سبيل إليهما قد أمناهما " قال الحارث بن هشام : وجعلت أستحيي أن يراني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأذكر رؤيته إياي في كل موطن من المشركين ، ثم أذكر بره ورحمته ، فألقاه وهو داخل المسجد فتلقاني بالبشر ووقف حتى جئته فسلمت عليه ، وشهدت شهادة الحق ، فقال : " الحمد لله الذي هداك ما كان مثلك يجهل الإسلام " قال الحارث : فوالله ما رأيت مثل الإسلام جهل ، قال ابن عمر : وحدثني الضحاك بن عثمان ، أخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير ، سمعت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يحدث ، عن أبيه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجته وهو واقف على راحلته وهو يقول : " والله إنك لخير الأرض وأحب الأرض إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت " ، قال : فقلت : يا ليتنا نفعل فارجع إليها ، فإنها منبتك ومولدك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " إني سألت ربي عز وجل فقلت : اللهم إنك أخرجتني من أحب أرضك إلي فأنزلني أحب الأرض إليك ، فأنزلني المدينة ، قال ابن عمر : " ولم يزل الحارث مقيما بمكة بعد أن أسلم حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلما جاء كتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه يستنفر المسلمين إلى غزو الروم ، قدم ابن هشام ، وعكرمة بن أبي جهل ، وسهيل بن أبي عمرو على أبي بكر المدينة ، فأتاهم في منازلهم فرحب بهم وسلم عليهم وسر بمكانهم ، ثم خرجوا مع المسلمين غزاة إلى الشام ، فشهد الحارث بن هشام فحل وأجنادين ، ومات بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة ، فخلف عمر بن الخطاب على امرأته فاطمة بنت الوليد بن المغيرة ، وهي أم عبد الله بن الحارث " وكان عبد الرحمن يقول : ما رأيت ربيبا خيرا من عمر بن الخطاب " " وكان عبد الرحمن بن الحارث بن هشام من أشراف قريش .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية