الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2950 حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن مالك بن أوس بن الحدثان قال ذكر عمر بن الخطاب يوما الفيء فقال ما أنا بأحق بهذا الفيء منكم وما أحد منا بأحق به من أحد إلا أنا على منازلنا من كتاب الله عز وجل وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فالرجل وقدمه والرجل وبلاؤه والرجل وعياله والرجل وحاجته

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( ما أنا بأحق بهذا الفيء منكم ) : فيه دليل على أن الإمام كسائر الناس لا فضل له على غيره في تقديم ولا توفير نصيب قاله الشوكاني ( إلا أنا على منازلنا من كتاب الله ) : [ ص: 132 ] أي لكن نحن على منازلنا ومراتبنا المبينة من كتاب الله كقوله تعالى للفقراء المهاجرين الآيات الثلاث ، وقوله سبحانه والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الآية وغيرهما من الآيات الدالة على تفاوت منازل المسلمين قاله القاري ( وقسم رسوله ) : بالجر عطف على كتاب الله أي ومن قسمه مما كان يسلكه صلى الله عليه وسلم من مراعاة التمييز بين أهل بدر وأصحاب بيعة الرضوان وذوي المشاهد الذين شهدوا الحروب ، وبين المعيل وغيره المشار إليه بقوله ( فالرجل ) : بالرفع ، وكذا قوله ( وقدمه ) : بكسر القاف أي سبقه في الإسلام .

                                                                      قيل تقدير الكلام فالرجل يقسم له ويراعي قدمه في القسم ، أو الرجل ونصيبه على ما يقتضيه قدمه ، أو الرجل وقدمه يعتبران في الاستحقاق وقبول التفاضل كقولهم الرجل وضيعته ، وكذا قوله ( والرجل وبلاؤه ) : أي شجاعته وجبانه الذي ابتلي به في سبيل الله ، والمراد مشقته وسعيه ( والرجل وعياله ) : أي ممن يمونه ( والرجل وحاجته ) : أي مقدار حاجته .

                                                                      قال التوربشتي : كان رأي عمر رضي الله عنه أن الفيء لا يخمس وأن جملته لعامة المسلمين يصرف في مصالحهم لا مزية لأحد منهم على آخر في أصل الاستحقاق وإنما التفاوت في التفاضل بحسب اختلاف المراتب والمنازل ، وذلك إما بتنصيص الله تعالى على استحقاقهم كالمذكورين في الآية خصوصا منهم من كان من المهاجرين والأنصار لقوله تعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أو بتقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفضيله إما لسبق إسلامه ، وإما بحسن بلائه . وإما لشدة احتياجه وكثرة عياله انتهى قال المنذري : في إسناده محمد بن إسحاق وقد تقدم الكلام فيه . [ ص: 133 ] بفتح القاف وسكون السين أي تقسيم الفيء . والفيء هو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد . وأصل الفيء الرجوع كأنه كان في الأصل لهم فرجع إليهم .




                                                                      الخدمات العلمية