الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو فتح رأس زق ) وتلف ضمن ؛ لأنه باشر إتلافه أما إذا كان ما فيه جامدا فخرج بتقريب غيره نارا إليه فالضامن هو المقرب لقطعه أثر الأول بخلاف ما لو خرج بريح هابة حال الفتح أو شمس مطلقا ؛ لأنهما لا يصلحان للقطع ومثلهما كما هو ظاهر فعل غير العاقل ( مطروح على الأرض ) مثلا ( فخرج ما فيه بالفتح أو منصوب فسقط بالفتح ) لتحريكه الوكاء وجذبه أو لتقاطر ما فيه حتى ابتل أسفله وسقط ( وخرج ما فيه ) بذلك وتلف ( ضمن ) لتسببه في إتلافه إذ هو ناشئ عن فعله وإن حضر مالكه وأمكنه تداركه كما لو رآه يقتل قنه فلم يمنعه ودعوى أن السبب يسقط حكمه مع القدرة على منعه بخلاف المباشرة ممنوعة . ( وإن سقط بعارض ريح )

                                                                                                                              [ ص: 12 ] أو زلزلة طرأ بعد الفتح أو بوقوع طائر عليه ( لم يضمن ) ؛ لأن الخروج ليس بفعله مع عدم تحقق هبوبها بخلاف طلوع الشمس فلم يبعد قصد الفاتح له ويتردد النظر في البلاد الباردة التي يعتاد فيها الغيم أياما أو عدم إذابتها لمثل هذا فطلعت وأذابته على خلاف العادة ومقتضى نظرهم للتحقق فيها المقتضي للقصد المذكور - عدم الضمان عند اطراد العادة بذلك ويؤيده عدمه في قولهم ، ولو شك في مسقطه فلا ضمان كما في الشامل والبحر ؛ لأن الظاهر أنه بأمر حادث وحل السفينة كفتح الزق .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ومثلهما كما هو ظاهر فعل غير العاقل ) كذا م ر ولعل المراد غير العاقل باعتبار الجنس حتى لا يشمل الصبي الذي لا يميز والمجنون ، وهل يشترط وجود غير العاقل حال الفتح كالريح أو لا كالشمس ؟ ولعل الأول أقرب ثم انظر هذا مع قوله الآتي وبوقوع طائر إلا أن يراد أن غير العاقل أخرجه ، ويفرق بين إخراجه والسقوط بوقوعه عليه لا [ ص: 12 ] أن هذا إن لم يقتض التساوي في الحكم اقتضى عكسه فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله أو زلزلة ) عطف على ريح وقوله طرأ أي العارض ش ( قوله ويؤيده عدمه في قولهم إلخ ) في التأييد نظر لظهور الفرق ( قوله لفتح الزق ) قال في الروض فرع حل رباط سفينة فغرقت بحله ضمن أو بحادث ريح فلا فإن لم يظهر حادث فوجهان قال في شرحه أحدهما المنع أي من الضمان كالزق قال الزركشي وهو الأقرب للشك في الموجب والثاني يضمن ؛ لأن الماء أحد المتلفات . ا هـ فالشارح اعتمد ترجيح الزركشي وشيخنا الرملي اعتمد الضمان .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( زق ) بكسر الزاي وهو السقاء نهاية ومغني ( قوله وتلف ) إلى قوله ويتردد في النهاية ، وكذا في المغني إلا قوله ومثلهما إلى المتن وقوله ودعوى إلى المتن ( قوله وتلف ) أي نفس الزق ( وقوله ضمن ) جعله جواب الشرط وكان عليه أن يقدر شرطا لضمن الآتي في كلام المصنف الذي كان جوابا لهذا الشرط فقد صار مهملا . ا هـ رشيدي أقول تفسيره ضمير وتلف بالزق نفسه ، قد يأبى عنه السياق والسباق واعتراضه صنيع الشارح وتقديره ضمن جوابا للو ظاهر بل كان ينبغي للشارح أن يحذف هذه السوادة بتمامها من هنا ثم يذكر قوله أما إذا كان ما فيه إلخ قبيل قول المصنف ، وإن سقطت إلخ

                                                                                                                              ( قوله بريح هابة حال الفتح ) قضية ما ذكره في الريح أنه لا فرق بين كون الريح سببا لسقوط الزق مثلا أو لتقاطر ما فيه حتى ابتل أسفله فسقط لكن في سم على منهج عن الروض وشرحه أن التفصيل في الريح المسقطة للزق أما السقوط بالابتلال الحاصل بحرارة الريح فلا فرق فيه بين كون الريح هابة وقت الفتح وكونها عارضة وفرق سم بأن الريح التي تؤثر حرارتها مع مرور الزمان لا يخلو الجو عنه ، وإن خفيت لخفتها بخلاف الريح التي تؤثر السقوط فليتأمل ا هـ ع ش وما ذكره عن سم عن الروض وشرحه جزم به المغني ( قوله مطلقا ) أي موجودة حال الفتح أو لا . ا هـ ع ش ( قوله ومثلهما ) أي الريح والشمس وفي هذا التشبيه نظر فإن مقتضى التشبيه بالريح اشتراط حضور غير العاقل وقت الفتح ومقتضى التشبيه بالشمس عدم اشتراطه اللهم إلا أن يريد التشبيه في أن فعل غير العاقل لا يقطع فعل المباشر ويمكن دفع الإيراد من أصله بجعل الضمير للريح الهابة والشمس . ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله غير العاقل ) لعل المراد غير العاقل باعتبار الجنس حتى لا يشمل الصبي الذي لا يميز والمجنون وهل يشترط وجود غير العاقل حال الفتح كالريح لا كالشمس ولعل الأول أقرب . ا هـ سم ( قوله أو لتقاطر ما فيه إلخ ) ولو كان التقاطر بإذابة شمس أو حرارة ريح مع مرور الزمان فسال ما فيه وتلف ضمن . ا هـ مغني ( قوله بذلك ) أي السقوط و ( قوله وتلف إلخ ) راجع لكل من مسألتي المطروح والمنصوب .

                                                                                                                              ( قوله لتسببه إلخ ) عبارة المغني ؛ لأنه باشر الإتلاف في الأولين والإتلاف ناشئ عن فعله في الباقي . ا هـ يعني بالباقي الخروج بريح هابة عند الفتح وبحرارة شمس أو ريح مطلقا ( قوله وإن حضر إلخ ) غاية لضمن ( قوله كما لو رآه يقتل قنه إلخ ) أي أو يحرق ثوبه وأمكنه الدفع فلم يمنعه . ا هـ مغني قول المتن ( وإن سقط ) أي الزق بعد فتحه له ( بعارض ريح ) أي أو جهل الحال فلم يعلم سبب سقوطه كما جزم به الماوردي وغيره . ا هـ مغني ويأتي في الشرح آنفا ما يوافقه ، وكذا في النهاية ما [ ص: 12 ] يوافقه ، وقال ع ش وقد يقال بالضمان عند الشك ؛ لأن فتح رأس الزق سبب ظاهر في ترتيب خروج ما فيه على الفتح والأصل عدم عروض الحادث . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو زلزلة ) عطف على ريح و ( قوله طرأ ) أي العارض . ا هـ سم ( قوله هبوبها ) أي وطرو الزلزلة ووقوع الطير ( قوله فلم يبعد قصد الفاتح له ) وأفهم كلامه أي المصنف أن الريح لو كانت هابة حال الفتح ضمن وهو كذلك كما يؤخذ مما مر ومن تفرقتهم بين المقارن والعارض فيما لو أوقد نارا في أرضه فحملها الريح إلى أرض غيره فأتلفت شيئا ، ولو قلب الزق غير الفاتح فخرج ما فيه ضمنه دون الفاتح ولو أزال ورق العنب ففسدت بالشمس عناقيده أو ذبح شاة غيره أو حمامته فهلك فرخهما ضمنهما لفقد ما يعيشان به نهاية ومغني قال ع ش قوله م ر في أرضه أي ما يستحق الانتفاع بها ومفهومه أنه لو أوقد في أرض غيره ضمن ما تولد منه مطلقا مقارنا أو عارضا لتعديه ومن ذلك الإيقاد في الأرض المستأجرة للزراعة فإن استئجارها لا يبيح إيقاد النار بها نعم لو جرت العادة بإيقادها لتسوية طعام ودفع برد عن نفسه ونحو ذلك وعلم المالك بها جاز ولا ضمان بسبب الإيقاد المذكور . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله ويتردد النظر ) إلى قوله ويؤيده ذكره ع ش عنه وأقره ( قوله أو عدم إذابتها ) عطف على الغيم والضمير للشمس ( قوله لمثل هذا ) أي ما في الزق ( قوله فيها ) أي الشمس ( قوله بذلك ) أي للغيم أو عدم الإذابة ( قوله ويؤيده عدمه إلخ ) في التأييد به نظر لظهور الفرق . ا هـ سم ( قوله كفتح الزق ) قال في الروضة فرع حل رباط سفينة فغرقت بحله ضمن أو بحادث ريح فلا فإن لم يظهر حادث فوجهان قال في شرحه أحدهما المنع أي من الضمان كالزق قال الزركشي وهو الأقرب للشك في الموجب والثاني يضمن ؛ لأن الماء أحد المتلفات . انتهى فالشارح اعتمد ترجيح الزركشي وشيخنا الرملي اعتمد الضمان . ا هـ سم وقوله فالشارح إلخ أي والمغني وقوله وشيخنا الرملي إلخ أي والنهاية .




                                                                                                                              الخدمات العلمية