الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3733 3734 ص: ثم الكلام بعد ذلك بين الذين جوزوا التمتع والقران في تفضيل بعضهم القران على التمتع وفي تفضيل الآخرين التمتع على القران ، فنظرنا في ذلك فكان في القران تعجيل الإحرام بالحج وفي التمتع تأخيره ، وكان ما عجل من الإحرام بالحج [ ص: 258 ] فهو أفضل وأتم لذلك الإحرام ، وقد روي عن علي - رضي الله عنه - في قول الله - عز وجل - : وأتموا الحج والعمرة لله قال : "تمامها أن تحرم بهما من دويرة أهلك" .

                                                حدثنا بذلك ابن مرزوق ، قال : ثنا وهب ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن علي - رضي الله عنه - بذلك ، فلما كان في القران يقدم الإحرام بالحج على الوقت الذي يحرم به في التمتع كان القران أفضل من التمتع ، وكل ما ثبتنا وصححنا في هذا الباب قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف 5 ومحمد - رحمهم الله - .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي ثم الكلام بعد أن بينا أن دم المتعة والقران دم شكر لما وفق للجمع بين النسكين في سفر واحد بين الفريق الذين جوزوا التمتع والقران ، وهم جمهور الفقهاء من التابعين ومن بعدهم منهم الأئمة الأربعة في تفضيل بعضهم القران على التمتع وهم الثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وإسحاق والمزني من أصحاب الشافعي ، وفي تفضيل الفريق الآخرين التمتع على القران وهم الحسن البصري وعطاء وسالم والقاسم وأحمد بن حنبل والشافعي في قول ، فنظرنا في ذلك أي في وجه تفضيل هذه الأشياء بعضها على بعض ، فكان في القران أي وجد تعجيل الإحرام بالحج ؛ لأن القارن يجمع بين العمرة والحج من الميقات في أول شروعه ، وفي التمتع تأخيره أي تأخير الإحرام بالحج ؛ لأن المتمتع إنما يحرم بالحج يوم التروية من الحرم ، وكان ما عجل من الإحرام بالحج فهو أفضل وأتم لذلك الإحرام ، والدليل عليه ما روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال : في قوله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله "تمامها أن تحرم بهما من دويرة أهلك" .

                                                وأخرجه بإسناد صحيح : عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة - بكسر اللام - المرادي الكوفي من فقهاء الكوفة بعد الصحابة ، قال العجلي : كوفي تابعي ثقة ، وقال أبو بكر الرازي في تفسير هذه الآية : وروي عن علي وعمر وسعيد بن جبير وطاوس أنهم قالوا : " إتمامها أن تحرم بهما من دويرة أهلك" .

                                                [ ص: 259 ] وقال الكاساني : وكذا قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - .

                                                قوله : "فلما كان . . . " إلى آخره بيان نتيجة الكلام الذي قبله ، وهو ظاهر قوله : "وكل ما ثبتنا" من التثبيت ، ويجوز : "وكل ما بينا من التبين" والأول أكثر في النسخ والله أعلم .

                                                ***




                                                الخدمات العلمية