الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ أنواع المنقطع ] ثم بين الحاكم أن المنقطع على ثلاثة أنواع ، ولم يفصح بالأولين منهما ، بل ذكر مثالين علما منها ، فأولها : رواية أبي العلاء بن الشخير عن رجلين من بني حنظلة عن شداد بن أوس .

وثانيهما : حاصله ما أتى فيه الإيهام في بعض الروايات مع كونه مسمى في رواية أخرى ، [ وعكسه ما يكون ظاهره الاتصال ، فيجيء رواية مبينة لانقطاعه ] ، ولكن لا يقف عليه في كليهما إلا الحافظ المتبحر ، كما قدمته قريبا في النوع قبله .

ثم قال : والثالث : ما في سنده قبل الوصول إلى التابعي الذي هو محل الإرسال راو لم يسمع من الذي فوقه ، وذكر له مثالا فيه قبل التابعي سقط من موضعين ، فظهر أنه لم يحصر المنقطع في الساقط [ ص: 197 ] قبل الوصول إلى التابعي ، بل جعله نوعا منه ، وهو كذلك بلا شك .

وإذا كان يسمي ما أبهم فيه من هو في محل التابعي منقطعا ، فبالأحرى أن يسميه كذلك مع إسقاطه ، ( وقيل ) : إن المنقطع ( ما لم يتصل ) إسناده ، ولو كان الساقط أكثر من واحد ، كما صرح به ابن الصلاح في المرسل ، واقتضاه كلام الخطيب ; حيث قال : والمنقطع مثل المرسل الذي مشى فيه على أنه المنقطع الإسناد ، فيدخل فيه المرسل والمعضل والمعلق .

وكذا قال ابن عبد البر : المنقطع عندي كل ما لم يتصل ; سواء كان معزوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو إلى غيره ، فيدخل فيه الموقوف على الصحابي فمن دونه أيضا ، وعليه قصره البرديجي فقال : المنقطع هو المضاف إلى التابعي فمن دونه قولا له أو فعلا . واستبعده ابن الصلاح ، كما تقدم في المقطوع .

وأبعد منه قول إلكيا الهراسي : إنه قول الرجل بدون إسناد : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وزعم أنه مصطلح المحدثين ، ورده ابن الصلاح في فوائد رحلته ، وقال : إنه لا يعرف لغيره .

قلت : وهو شبيه بقول من توسع في المرسل من الحنفية ، كما بينته هناك مع [ ص: 198 ] رده ، والحاصل أن في المنقطع خمسة أقوال : ( وقالا ) بألف الإطلاق - أي : ابن الصلاح - ( بأنه ) أي : الثاني منها ، ( الأقرب ) أي : من حيث المعنى اللغوي ; فإن الانقطاع نقيض الاتصال ، وهما في المعاني كهما في الأجسام ، فيصدق بالواحد والكل وما بينهما .

قال : وقد صار إليه طوائف من الفقهاء وغيرهم ، بل هو الذي ذكره الخطيب في كفايته يعني كما تقدم ( لا ) أنه الأكثر ( استعمالا ) ، بل أغلب استعمالهم فيه القول الأول حسب ما صرح به الخطيب ، فإنه قال : إلا أن هذه العبارة تستعمل غالبا في رواية من دون التابعين عن الصحابة ، مثل مالك عن ابن عمر ، والثوري عن جابر ، وشعبة عن أنس - يعني بخلاف المرسل فأغلب استعماله فيما أضافه التابعي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

تتمة : قد مضى في المرسل عن الشافعي وغيره ما يدل على قبول المنقطع إذا احتف بقرينة ، وقال ابن السمعاني : من منع قبول المرسل ، فهو أشد منعا لقبول المنقطعات ، ومن قبل المراسيل اختلفوا . انتهى .

وإنما يجيء هذا على المعتمد في الفرق بينهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية