الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
797 - ( 67 ) - حديث : { أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه ، وقال : استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت ، فإنه الآن يسأل }. أبو داود ، والحاكم والبزار عن عثمان ، قال البزار : لا يروى [ ص: 270 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه . قوله : ويستحب أن يلقن الميت بعد الدفن ، فيقال : { يا عبد الله يا ابن أمة الله اذكر ما خرجت عليه من الدنيا : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وأن البعث حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله بعث من في القبور ، وأنك رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وبالقرآن إماما ، وبالكعبة قبلة ، وبالمؤمنين إخوانا . ورد به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم }; الطبراني عن أبي أمامة : { إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصنع بموتانا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره ، فليقم أحدكم على رأس قبره ، ثم ليقل : يا فلان بن فلانة ، فإنه يسمعه ولا يجيب ، ثم يقول : يا فلان بن فلانة ، فإنه يستوي قاعدا ثم يقول : يا فلان بن فلانة ; فإنه يقول : أرشدنا يرحمك الله ولكن لا تشعرون . فليقل : اذكر ما خرجت عليه من الدنيا : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنك رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وبالقرآن إماما فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول : انطلق بنا ما يقعدنا عند من لقن حجته . قال : فقال رجل يا رسول الله فإن لم يعرف أمه ؟ قال : ينسبه إلى أمه حواء ، يا فلان بن حواء }. وإسناده صالح .

وقد قواه الضياء في أحكامه ، وأخرجه عبد العزيز في الشافي ، والراوي عن أبي أمامة : سعيد الأزدي ، بيض له ابن أبي حاتم ، ولكن له شواهد ، منها : ما رواه سعيد بن منصور من طريق راشد بن سعد ، وضمرة بن حبيب ، وغيرهما قالوا : { إذا سوي على الميت قبره وانصرف الناس عنه ، كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره : يا فلان قل : لا إله إلا الله ، قل : أشهد أن لا إله إلا الله ، ثلاث مرات ، قل : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبي محمد . ثم ينصرف }.

وروى الطبراني من حديث الحكم بن الحارث السلمي أنه قال لهم : { إذا [ ص: 271 ] دفنتموني ورششتم على قبري الماء ، فقوموا على قبري واستقبلوا القبلة وادعوا لي }. وروى ابن ماجه من طريق سعيد بن المسيب ، عن ابن عمر في حديث سيق بعضه ، وفيه : { فلما سوى اللبن عليها ، قام إلى جانب القبر ، ثم قال : اللهم جاف الأرض عن جنبيها ، وصعد روحها ، ولقها منك رضوانا }. وفيه أنه رفعه . ورواه الطبراني .

وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص أنه قال لهم في حديث عند موته : " إذا دفنتموني أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم ، وأعلم ماذا أراجع رسل ربي " . وقد تقدم حديث : { واسألوا له التثبيت ، فإنه الآن يسأل }. وقال الأثرم : قلت لأحمد : هذا الذي يصنعونه إذا دفن الميت يقف الرجل ويقول : يا فلان بن فلانة ، قال : ما رأيت أحدا يفعله إلا أهل الشام حين مات أبو المغيرة ، يروى فيه عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن أشياخهم أنهم كانوا يفعلونه ، وكان إسماعيل بن عياش يرويه ، إلى حديث أبي أمامة .

قوله : الاختيار : أن يدفن كل ميت في قبر ، كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم أره هكذا ، لكنه معروف بالاستقراء .

قوله : وأمر بذلك لا أصل له من أمره ، أما فعله فقد فعل ذلك ، وأمر لأجل الضرورة بخلاف ذلك ، كما سيأتي .

التالي السابق


الخدمات العلمية