الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن الرفع من الركوع ، والاعتدال قائما ذكر واجب ، فالسنة إذا ابتدأ بالرفع أن يقول : سمع الله لمن حمده ، إماما كان أو مأموما ، ويرفع يديه حذو منكبيه فيكون في رفعه سنتان

                                                                                                                                            : إحداهما : قوله سمع الله لمن حمده

                                                                                                                                            والثاني : رفع يديه حذو منكبيه فإذا استوى قائما قال : " ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض ، وما شئت من شيء بعد " إماما كان ، أو مأموما ، وقال أبو حنيفة : يختص الإمام بقول : سمع الله لمن حمده والمأموم بقول " ربنا ولك الحمد " استدلالا برواية سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد فإنه من وافق قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " قال : ولأن قوله سمع الله لمن حمده موضوع لرفع ، وقوله : ربنا لك الحمد ، موضوع لرفع أيضا ، والانتقال من الأركان إلى الأركان إنما سن بذكر واحد لا بذكرين كالتكبيرات ، فعلم أن أحدهما مسنون للإمام ، والآخر مسنون للمأموم قال : ولأن قوله : سمع الله لمن حمده إخبار عن إجابة الدعاء وقوله : ربنا لك الحمد شكر لله ، عز وجل ، على قبول الدعاء فلم يجز أن يجمع بينهما الواحد : لأن أحدهما جواب الآخر

                                                                                                                                            ودليلنا رواية الشافعي عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال : سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد

                                                                                                                                            وروي عن الأعمش عن عبيد بن الحسن عن عبد الله بن أبي أوفى قال : كان [ ص: 124 ] النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع يقول : سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض ، وما شئت من شيء بعد "

                                                                                                                                            وروى عطية عن قزعة بن يحيى عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول حين يقول : سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات ، وملء الأرض وما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد حق ما قال العبد كلنا لك عبد ، لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ولأن أذكار الصلاة إذا سنت للمأموم سنت للإمام كالتكبير ، والتسبيح

                                                                                                                                            وأما الجواب عن حديث أبي هريرة فهو : أنه ليس نهيا للمأموم عن قول : سمع الله لمن حمده ، وإنما فيه أمر له بقول ربنا لك الحمد ، وإنما أمره بهذا أو لم يأمره بقول سمع الله لمن حمده ، لأنه يسمع هذا من الإمام فيتبعه فيه ، ولا يسمع قوله : ربنا لك الحمد فأمره به ، وأما قولهم أنهما ذكران فلم يجتمعا في الانتقال ، فالجواب أن قوله سمع الله لمن حمده موضوع للانتقال وربنا لك الحمد مسنون في الاعتدال فصارا ذكرين في محلين ، وأما قولهم أن أحدهما إخبار والآخر جواب فلم يجز أن يجمع الواحد بينهما ، فهو فاسد بقوله آمين هو في مقابلة قوله تعالى : اهدنا الصراط المستقيم [ الفاتحة : 6 ] . ثم قد يجمع بينهما في الصلاة

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية