الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو أبى المسلم إليه قبض رأس المال أجبر عليه ) خلاصة . وبقي من الشروط كون رأس المال منقودا وعدم الخيار وأن لا يشمل البدلين إحدى علتي الربا وهو القدر المتفق أو الجنس لأن حرمة النساء تتحقق به وعدها العيني تبعا للغاية . [ ص: 218 ] سبعة عشر وزاد المصنف وغيره القدرة على تحصيل المسلم فيه . ثم فرع على الشرط الثامن بقوله ( فإن أسلم مائتي درهم في كر ) بضم فتشديد ستون قفيزا والقفيز ثمانية مكاكيك والمكوك صاع ونصف عيني ( بر ) حال كون المائتين مقسومة ( مائة دينا عليه ) أي على المسلم إليه ( ومائة نقدا ) نقدها رب السلم ( وافترقا ) على ذلك ( فالسلم في ) حصة ( الدين باطل ) لأنه دين بدين وصح في حصة النقد ولم يشع الفساد لأنه طار حتى لو نقد الدين في مجلسه صح في الكل ولو إحداهما دنانير أو على غير العاقدين فسد في الكل

التالي السابق


( قوله كون رأس المال منقودا ) أي نقده الصيرفي ليعرف جيده من الرديء ، وليس المراد بالنقد القبض فإنه شرط آخر قد مر أفاده في البحر وفائدة اشتراطه كما في الغاية الاحتراز عن الفساد ، لأنه إذا رد بعضه بعيب الزيافة ، ولم يتفق الاستبدال في مجلس الرد انفسخ العقد بقدر المردود . واستشكله في البحر : بأن هذه الفائدة ذكرت في تعليل قول الإمام إن بيان قدر رأس المال شرط ، ولا تكفي الإشارة إليه كما مر ومفاده عدم اشتراط الانتقاد أولا وذكر قبله أن اشتراط الانتقاد يغني عن اشتراط بيان القدر .

وحاصله : أن أحدهما يكفي عن الآخر وأجاب في النهر بأن بيان القدر لا يدفع توهم الفساد المذكور : أي فلا بد من اشتراط الانتقاد . قال : ويرد على هذا الشرط أيضا أنه تقدم أنه لو وجدها زيوفا فرضي بها صح مطلقا ، ولو ستوقة لا إلى آخر ما مر ومفاده أن الضرر جاء من عدم التبديل في المجلس لا من عدم الانتقاد على أن الناقد قد يخطئ وأيضا فإن رأس المال قد يكون مكيلا أو موزونا ، ويظهر بعضه معيبا فيرده بعد هلاك البعض ويلزم الجهالة كما مر فلا بد حينئذ من ذكر الشرطين تأمل ( قوله وعدم الخيار ) أي خيار الشرط ، فإن أسقطه قبل الافتراق ورأس المال قائم في يد المسلم إليه صح ، وإن هالكا لا ينقلب صحيحا بحر عن البزازية .

[ تنبيه ] لا يثبت في السلم خيار الرؤية لأنه لا يثبت فيما ملكه دينا في الذمة كما في جامع الفصولين ومر أول خيار الرؤية ( قوله وهو القدر المتفق ) ذكر الضمير باعتبار الخير ، واحترز بالمتفق عن القدر المختلف كإسلام نقود في حنطة وكذا في زعفران ونحوه ، فإن الوزن وإن تحقق فيه إلا أن الكيفية مختلفة كما تقدم في الربا [ ص: 218 ] أفاده ط وكذا إسلام الحنطة في الزيت فإنه جائز كما مر هناك عن ابن كمال ( قوله سبعة عشر ) ستة في رأس المال وهي بيان جنسه ونوعه وصفته وقدره ونقده وقبضه قبل الافتراق وأحد عشر في المسلم فيه : وهي الأربعة الأول ، وبيان مكان إيفائه وأجله وعدم انقطاعه ، وكونه مما يتعين بالتعيين وكونه مضبوطا بالوصف كالأجناس الأربعة المكيل والموزون والمذروع والمعدود المتقارب ، وواحد يرجع إلى العقد وهو كونه باتا ليس فيه خيار شرط ، وواحد بالنظر للبدلين وهو عدم شمول إحدى علتي الربا البدلين منح بتصرف ط ( قوله القدرة على تحصيل المسلم فيه ) لا حاجة إليه مع اشتراط عدم الانقطاع قال في النهر : والقدرة على تحصيله بأن لا يكون منقطعا ا هـ ح . وأما القدرة بالفعل في الحال فليست شرطا عندنا ومعلوما أنه لو اتفق عجزه عند الحلول وإفلاسه لا يبطل السلم قاله الكمال ط ( قوله والمكوك صاع ونصف ) والصاع ثمانية أرطال بالبغدادي كل رطل مائة وثلاثون درهما ط . قلت : فيكون القفيز اثني عشر صاعا والكر سبعمائة وعشرين صاعا والصاع نصف مد شامي تقريبا فالكر أربع غرائر ونصف غرارة كل غرارة ثمانون مدا شاميا .

( قوله حال كون المائتين ) أشار به إلى أن مائة في الموضعين نصب على الحال بتأويل مقسومة هذه القسمة وتجوز البدلية ا هـ ح ( قوله دينا عليه ) صفة المائة نهر أو بدل عيني ، وهو احتراز عما إذا كانت دينا على أجنبي كما يأتي قال في النهر والتقييد بإضافة العقد إليهما أي إلى المائتين المذكورتين ليس احترازيا لأنه لو أضافه إلى مائتين مطلقا ثم جعل المائة قصاصا بما في ذمته من الدين فالحكم كذلك في الأصح ا هـ ( قوله لأنه طار ) أي عرض بالافتراق قبل القبض لما مر أن القبض شرط لبقاء العقد على الصحة لا شرط انعقاد ( قوله ولو إحداهما دنانير ) محترز قول المنصف مائتي درهم إلخ ، حيث فرض المسألة بكون مائتي الدين والنقد متحدي الجنس ، لأنه لو اختلفا بأن أسلم مائة درهم نقدا وعشرة دنانير دينا أو بالعكس لا يجوز في الكل ، أما حصة الدين فلما مر ، وأما حصة العين فلجهالة ما يخصه وهذا عنده وعندهما يجوز في حصة النقد كما في الزيلعي والخلاف مبني على إعلام قدر رأس المال بحر ( قوله أو على غير العاقدين ) محترز قوله مائة دينار عليه ، فلو قال : أسلمت إليك هذه المائة ، والمائة التي لي على فلان بطل في الكل وإن نقد الكل لاشتراط تسليم الثمن على غير العاقد ، وهو مفسد مقارن فتعدى بحر




الخدمات العلمية