الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. قال : ( رجل صلى الظهر على غير وضوء ثم صلى العصر على وضوء ذاكرا لذلك وهو يظن أنه يجزئه فعليه أن يعيدهما جميعا ) لوجوب مراعاة الترتيب ، وظنه جهل فلا [ ص: 245 ] يسقط عنه ما هو مستحق عليه ، وكان الحسن بن زياد رحمه الله تعالى يقول : إنما يجب مراعاة الترتيب على من يعلم ، فأما من لا يعلم فليس عليه ذلك ; لأنه ضعيف في نفسه فلا يثبت حكمه في حق من لا يعلم به ، وكان زفر رحمه الله تعالى يقول : إذا كان عنده إن ذلك يجزئه فهو في معنى الناسي للفائتة فيجزئه فرض الوقت .

( ولنا ) أن نقول : إذا كان الرجل مجتهدا قد ظهر عنده أن مراعاة الترتيب ليس بفرض فهو دليل شرعي ، وكذلك إذا كان ناسيا فهو معذور غير مخاطب بأداء الفائتة قبل أن يتذكر ، فأما إذا كان ذاكرا وهو غير مجتهد فمجرد ظنه ليس بدليل شرعي فلا يعتبر ، فإن أعاد الظهر وحدها ثم صلى المغرب وهو يظن أن العصر له جائز ، قال : يجزئه المغرب ويعيد العصر فقط ; لأن ظنه هذا استند إلى خلاف معتبر بين العلماء فكان دليلا شرعيا ، وحاصل الفرق أن فساد الصلاة بترك الطهارة فساد قوي مجمع عليه فيظهر أثره فيما يؤدى بعده ، فأما فساد العصر بسبب تذكر الترتيب فساد ضعيف مختلف فيه فلا يتعدى حكمه إلى صلاة أخرى ، فهو كمن جمع بين حر وعبد في البيع بثمن واحد بطل العقد فيهما ، بخلاف ما إذا جمع بين قن ومدبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية