الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم شرع في مبطلاتها بقوله [ ص: 286 ] ( وبطلت ) الصلاة ( بقهقهة ) وهو الضحك بصوت ولو من مأموم سهوا بخلاف سهو الكلام فيجبر بالسجود إذ الكلام شرع جنسه من حيث إصلاحها فاغتفر سهوه اليسير ولكثرة وقوعه من الناس بخلاف الضحك فلم يغتفر بوجه وقطع فذ وإمام ولا يستخلف مطلقا ( وتمادى المأموم ) الضاحك مع إمامه على صلاة باطلة مراعاة لمن يقول بالصحة ( إن لم يقدر ) حال ضحكه ( على الترك ) ابتداء ودواما بأن كان غلبة من أوله إلى آخره وكذا الناسي فإن قدر على الترك بأن وقع منه اختيارا وكذا الناسي فإن قدر على الترك بأن وقع منه اختيارا ولو في بعض أزمنته قطع ودخل مع الإمام ولم يكن في الجمعة وإلا قطع ودخل لئلا تفوته ولم يلزم على تماديه خروج الوقت لضيقه وإلا قطع ودخل ليدرك الصلاة ولم يلزم على تماديه ضحك المأمومين أو بعضهم ولو بالظن وإلا قطع وخرج فهذه أربعة شروط للتمادي ثم شبه في التمادي لا بقيد البطلان مسألتين الأولى قوله ( كتكبيره ) أي المأموم فقط ( للركوع ) في الركعة التي أدرك فيها الإمام أولى أو غيرها ( بلا نية ) تكبيرة ( إحرام ) بأن نوى الصلاة المعينة وترك تكبيرة الإحرام نسيانا ثم كبر للركوع [ ص: 287 ] فصلاته صحيحة على المذهب وإنما تتصور هذه الصورة للمأموم فقط إذ هو الذي يركع عقب دخوله ليدرك الإمام دون الإمام والفذ كذا قرر والحق الذي يجب به الفتوى أن الصلاة في هذه الحالة باطلة وأن التمادي مراعاة لمن يقول بصحتها ، الثانية قوله ( وذكر فائتة ) وهو خلف الإمام فإنه يتمادى على صلاة صحيحة وأما لو تذكر مشاركة فإنه يتمادى أيضا لكن على صلاة باطلة لكونه من مساجين الإمام

التالي السابق


. ( قوله وبطلت بقهقهة ) أي سواء كثرت أو قلت وسواء وقعت عمدا أو نسيانا لكونه في صلاة أو غلبة كأن يتعمد النظر في صلاته أو الاستماع لما يضحك فيغلبه الضحك فيها كان المصلي فذا أو إماما أو مأموما لكن إن كان فذا قطع مطلقا عمدا أو نسيانا أو غلبة وإن كان إماما قطع أيضا في الأحوال الثلاثة ويقطع من خلفه أيضا ولا يستخلف ووقع لابن القاسم في العتبية والموازية أن الإمام يقطع هو ومن خلفه في العمد ويستخلف في الغلبة والنسيان ويرجع مأموما مراعاة للقول بعدم بطلان الصلاة بالقهقهة غلبة أو نسيانا وإذا رجع مأموما أتم صلاته مع ذلك الخليفة ويعيدها أبدا لبطلانها وأما مأموموه فيتمون صلاتهم مع ذلك الخليفة ولا إعادة عليهم لا في الوقت ولا في غيره لصحتها واقتصر عج في شرحه على ما لابن القاسم في الموازية والعتبية واعتمده شيخنا العدوي وإن كان مأموما قطع إن تعمدها وإن كانت غلبة أو نسيانا تمادى فيهما مع الإمام على صلاة باطلة مراعاة للقول بصحتها فيهما ويعيد أبدا لكن التمادي مقيد بقيود أربعة ذكرها الشارح .

( قوله ولو من مأموم ) أي هذا إذا كانت من فذ أو إمام بل ولو من مأموم هذا إذا كانت عمدا أو غلبة بل ولو سهوا .

( قوله بخلاف سهو الكلام ) أي إذا كان يسيرا .

( قوله إذ الكلام إلخ ) هذا إشارة للفرق بين القهقهة نسيانا والكلام نسيانا حيث بطلت الصلاة بالأول ولو يسيرا ولم تبطل بالثاني إذا كان يسيرا بل يجبر بالسجود ( قوله وقطع فذ وإمام ) أي في الأحوال الثلاثة كانت عمدا أو غلبة أو نسيانا .

( قوله ولا يستخلف ) أي الإمام مطلقا يعني في الحالات الثلاثة وحينئذ فيقطع مأمومه أيضا وقيل إنه يقطع هو ومأمومه ولا يستخلف إذا كانت عمدا وأما إن كانت سهوا أو غلبة فإنه يستخلف ويرجع مأموما وصلاته التي يتمها مع الخليفة باطلة وأما صلاة مأموميه التي يتمونها مع الخليفة فهي صحيحة .

( قوله وتمادى المأموم ) أي وجوبا كما قال الزناتي وقال عبد الوهاب استحبابا واستبعد طفى الأول وفي بن الراجح الوجوب وهو ما في أبي الحسن على المدونة وقد علمت أن محل تماديه إذا وقعت منه غلبة أو نسيانا .

( قوله مراعاة لمن يقول بالصحة ) أي وهو سحنون فإنه يرى أن القهقهة إذا كانت سهوا أو غلبة لا تبطل الصلاة قياسا لها على الكلام نسيانا وإنما تبطلها إذا كانت عمدا .

( قوله إن لم يقدر على الترك ابتداء ودواما ) أي إن لم يقدر على تركه في المدة التي ضحك فيها غلبة أو نسيانا من أولها إلى آخرها وهذا لا ينافي أن غير المدة التي ضحك فيها له قدرة على الترك فيها وليس المراد أنه لا قدرة له على الترك رأسا بل استمر دائما وأبدا يضحك وقد يقال إذا ذهب الضحك بعد عدم قدرته على تركه فأي فائدة في التمادي بدون قطع مع أن الفائدة في قطعه وابتدائها من أولها مع الإمام ( تنبيه ) من غلبت عليه القهقهة كلما صلى فإنه يصلي على حالته ولا يؤخر ولا يقدم وأما إن كانت تلازم في إحدى المشتركتين فإنه يقدم أو يؤخر أشار له عج وهذا بخلاف الصوم فإنه يسقط عن كل من إذا صام عطش أو جاع بحيث لا يصبر على عدم الأكل أو الشرب قاله شيخنا ( قوله بأن وقع إلخ ) أي كما لو كان في أوله غلبة أو نسيانا وكان آخر المدة اختيارا ( قوله ثم شبه في التمادي إلخ ) حاصله أن للمأموم في القهقهة حكمين البطلان ووجوب [ ص: 287 ] التمادي فشبه المصنف في الثاني من الحكمين وهو وجوب التمادي بقطع النظر عن البطلان مسألتين والدليل على أن المصنف قصد التشبيه في التمادي لا في البطلان عدم عطفهما على قوله بقهقهة بل قرن الأولى بكاف التشبيه وجرد الثانية من الباء ولما رجع للعطف على القهقهة كرر الباء فقال وبحدث إلخ .

( قوله فصلاته صحيحة ) أي ويعيدها احتياطا لأنها لا تجزيه عند ربيعة .

( قوله على المذهب ) أي على مذهب المدونة وهو المشهور كذا في حاشية الفيشي وفي عج أنه يعيد صلاته أبدا وجوبا على الراجح ويتمادى مع الإمام على صلاة باطلة قال شيخنا وهو المعول عليه .

( قوله وأن التمادي ) أي وأن وجوب التمادي وقوله مراعاة لمن يقول بصحتها أي وهو يحيى بن سعيد الأنصاري والإمام محمد بن شهاب كلاهما من أشياخ مالك فقد قالا إن الإمام يحمل عن المأموم تكبيرة الإحرام .

( قوله إذ هو الذي يركع إلخ ) قد يقال بل تتصور هذه الصورة أيضا في الفذ إذا كانت القراءة ساقطة عنه لكونه لم يجد معلما أو ضاق الوقت عليه أو على القول بعدم وجوب الفاتحة في كل ركعة قاله شيخنا وقد يقال إنما اقتصروا في التصوير على المأموم لأنه هو الذي يتمادى وجوبا مع الإمام إذا تذكر ذلك وأما الإمام والفذ فإنهما يقطعان كما يأتي في الجماعة واعلم أن هذه الصورة التي حمل الشارح عليها كلام المصنف تبعا لبهرام وشب هي عين قول المصنف في الجماعة وإن لم ينوه ناسيا له تمادى المأموم فقط ذكرها هنا للنظائر وحمل عبق كلام المصنف تبعا لابن غازي على ما إذا نوى الصلاة المعينة ثم كبر قاصدا للركوع غافلا عن النية فقد حصل منه التكبير للركوع ونية الصلاة المعينة قبله بيسير فقول المصنف بلا نية إحرام معناه ناسيا للإحرام فيتمادى المأموم مع إمامه على صلاة صحيحة لأنه كمن نوى بالتكبير الإحرام والركوع قال شيخنا والمأخوذ من النقول أن الصلاة باطلة ويتمادى مع إمامه على صلاة باطلة مراعاة لمن يقول بالصحة .

( قوله لكن على صلاة باطلة ) هذا بناء على ما سبق له من أن الترتيب بين المشتركتي الوقت واجب شرط ابتداء ودواما وقد علمت أن المعتمد أنه واجب شرط ابتداء لا دواما فمن ذكر حاضرة في حاضرة فإنه يتمادى على صلاة صحيحة




الخدمات العلمية