الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 501 ] وإن استلحق ولدا ثم أنكره ، ثم مات الولد ، فلا يرثه ، ووقف ماله ، فإن مات ، فلورثته ، وقضي دينه ، وإن قام غرماؤه وهو حي : أخذوه .

التالي السابق


( وإن استلحق ) المكلف ( ولدا ) في صورة يلحق به فيها ( ثم أنكره ) أي المستلحق بالكسر المستلحق بالفتح أي نفاه عن نفسه بعد استلحاقه وقال ليس بولدي ( ثم مات الولد ) عن مال مستلحقه حي ( فلا يرثه ) أي المستلحق بالكسر المستلحق بالفتح لنفيه عن نفسه واعترافه أنه لا حق له في إرثه ( ووقف ) بضم فكسر ( ماله ) أي المال الذي تركه المستلحق بالفتح ( فإن مات الأب ) الذي استلحق ورجع عن استلحاقه ( ب ) المال الوقوف ( لورثته ) أي الأب لأن رجوعه عن استلحاقه غير معتبر بالنسبة لهم ( وقضي ) بضم فكسر ( به ) أي المال الموقوف ( دينه ) أي الأب إن كان عليه دين .

( وإن قام غرماؤه ) أي الأب الذين لهم عليه دين عليه ( وهو ) أي الأب ( حي أخذوه ) [ ص: 502 ] أي المال الموقوف إن كان قدر دينهما أو أقل منه وإلا أخذوا منه قدر دينهم وتركوا باقيه موقوفا حتى يموت الأب " ق " ابن شاس إذا استلحق ولدا ثم أنكره ثم مات الولد عن مال فلا يأخذه المستلحق . ابن القاسم ويوقف ذلك المال ، فإن مات المستلحق صار هذا المال لورثته وقضي به دينه ، وإن قام غرماؤه عليه وهو حي أخذوا ذلك المال في ديونهم .

( تنبيهات ) الأول : الحط هكذا قال في رسم يوصي من سماع عيسى من كتاب الاستحقاق . ابن رشد في قوله يوقف نظر ، والواجب كون ميراثه لجماعة المسلمين لأنه مقر أن هذا المال لهم لا حق له معهم فيه وهم لا يكذبونه فلا معنى لتوقيفه ، إذ لا يصح أن يقبل رجوعه فيه بعد موته بعد رجوعه من استلحاق ابنه لأنه قد ثبت لجماعة المسلمين برجوعه عن استلحاقه .

الثاني : إن مات المستلحق بالكسر بعد رجوعه عن استلحاق ورثة المستلحق بالفتح بإقراره الأول واستلحاقه ولا يسقط نسبه برجوعه عن استلحاقه ، ثم إن مات الابن ورثه عصبة أبيه المستلحق بالكسر قاله ابن رشد وابن بطال في مقنعه .

الثالث : في المقنع إذا استلحق رجل رجلا لحق به نسب أولاد المستلحق بالفتح ، ومن نفى ولده ثم استلحقه ثبت نسبه منه .

الرابع : يجتمع لحوق للولد والحد في مسائل ضابطها كل حد يثبت بالإقرار ويسقط بالرجوع ، فالنسب ثابت معه وكل حد لازم لا يسقط بالرجوع فالنسب لا يثبت معه منها من أولد أمة ثم أقر بغصبها فيلحق به الولد لاتهامه بالتحيل على إسقاط نسبه ويحد ومنها من اشترى أمة وأولدها ثم استحقت بحريتها وأقر أنه وطئها عالما بحريتها فيحد ، ويلحق به الولد ، ومنها من اشترى إحدى جاريتين على أنه بالخيار في إحداهما وأقر أنه اختار واحدة ثم وطئ الأخرى وحملت منه فيحد ويلحق الولد به ، ومنها من اشترى جارية ووطئها فخاصمه ربها بطلب ثمنها فقال إنما أودعتني إياها وأمنتني عليها فيحد [ ص: 503 ] ويلحقه ولدها ، ومنها من تزوج أم امرأته وأولدها عالما فيحد ، ويلحقه ولدها ، وذكرها في معين الحكام والتوضيح ابن عبد السلام هذا إنما يصح إذا لم يعلم بتحريمها قبل نكاحها إياه ، فإن علم به قبله فهو زنا محض لا يلحق معه الولد ومنها من اشترى جارية وأولدها ثم أقر بأنه وطئها عالما بعتقها عليه ، ومنها من تزوج امرأة وأولدها ثم أقر بأنه كان طلقها ثلاثا وتزوجها قبل محلل عالما . ومنها من تزوج امرأة وأولدها ثم أقر بأنها خامسا وأنه علم حرمتها قبل تزوجها أفادها الحط بنصوصها .

الخامس : السهيلي في شرح السيرة إذا بلغ الصبي وأخبرته أمه بعد توبتها بأنه لغير رشدة ليتعفف عن الميراث ، وعن نظر عوراتهم أو علم ذلك بقرينة وجب عليه ذلك ، وإلا كان شر الثلاثة كما جاء في الحديث في ابن الزنا أنه شر الثلاثة ، وقد أول بوجوه هذا أقربها . ا هـ . وقيل في تأويله إذا عمل بعمل والديه وقد جاء التصريح بهذا في بعض رواياته ، وفي كتاب ابن حبيب الشعبي ولد الزنا خير الثلاثة إذا اتقى الله تعالى ، فقيل له فقد قيل إنه شر الثلاثة ، وقال هذا قاله كعب لو كان شر الثلاثة لم تنظر أمه بولادته ، وكذلك قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه إنما قيل شرهم في الدنيا ولو كان شرهم عند الله تعالى ما انتظر بأمه أن تضعه وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أكرموا ولد الزنا وأحسنوا إليه وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هو عبد من عبيد الله تعالى إن أحسن أحسن الله تعالى إليه ، وإن أساء عوقب وقال أعتقوا أولاد الزنا وأحسنوا إليهم واستوصوا بهم ، أفاده الحط ، والله أعلم .




الخدمات العلمية