الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5523 - حدثنا فهد ، قال : ثنا موسى بن إسماعيل ، قال : ثنا وهيب ، عن عطاء عن حكيم بن أبي يزيد أنه جاءه في حاجة ، قال : فحدثني عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : دعوا الناس ، فليصب بعضهم من بعض ، وإذا استنصح أحدكم أخاه ، فلينصح له .

                                                        فعلمنا بذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى الحاضر أن يبيع للبادي ، لأن الحاضر يعلم أسعار الأسواق فيستقصي على الحاضرين ، فلا يكون لهم في ذلك ربح ، وإذا باعهم الأعرابي على غرته وجهله بأسعار الأسواق ، ربح عليه الحاضرون . فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخلى بين الحاضرين وبين الأعراب في البيوع ، ومنع الحاضرين أن يدخلوا عليهم في ذلك .

                                                        [ ص: 12 ] فإذا كان ما وصفنا كذلك ، وثبت إباحة التلقي الذي لا ضرر فيه ، بما وصفنا من الآثار التي ذكرنا ، صار صار شرى المتلقي منهم ، شرى حاضر من باد ، فهو داخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض " وبطل أن يكون في ذلك خيار للبائع ، لأنه لو كان له فيه خيار ، إذا لما كان للمشتري في ذلك ربح ، ولا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حاضرا أن يعترض عليه ، ولا أن يتولى البيع للبادي منه ، لأنه يكون بالخيار في فسخ ذلك البيع ، أو يرد له ثمنه إلى الأثمان التي تكون في بياعات أهل الحضر ، بعضهم من بعض .

                                                        ففي منع النبي - صلى الله عليه وسلم - الحاضرين من ذلك ، إباحة الحاضرين التماس غرة البادين في البيع منهم ، والشراء منهم . وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد - رحمة الله عليهم أجمعين - .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية