الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2601 - وعن جابر - رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عرفة ، إن الله ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة ، فيقول : انظروا إلى عبادي ، أتوني شعثا غبرا ضاجين من كل فج عميق ، أشهدكم أني قد غفرت لهم ، فيقول الملائكة : يا رب ! فلان كان يرهق ، وفلان ، وفلانة ، قال : يقول الله عز وجل : قد غفرت لهم . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " فما من يوم أكثر عتيقا من النار من يوم عرفة " . رواه في : " شرح السنة " .

التالي السابق


2601 - ( وعن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم عرفة إن الله ينزل ) : أي أمره ، أو يتجلى بإنزال الرحمة العامة ( إلى السماء الدنيا ) : ولعل وجه التخصيص زيادة اطلاع أهلها بأهل الدنيا ( فيباهي بهم ) أي : بالواقفين بعرفة ( الملائكة ) : أي : ملائكة سماء الدنيا ، أو الملائكة المقربين ، أو جميع الملائكة ( فيقول : انظروا ) أي : نظر اعتبار ، وإنصاف ( إلى عبادي ) الإضافة للتشريف ( أتوني ) أي : جاءوا مكان أمري ( شعثا ) - جمع أشعث - وهو المتفرق من الشعر ( غبرا ) : جمع أغبر ، وهو الذي التصق الغبار بأعضائه ، وهما حالان ( ضاجين ) . بتشديد الجيم من ضج إذا رفع صوته ، أي : رافعين أصواتهم بالتلبية ، وفي نسخة بتخفيف الحاء المهملة ، وفي " المشارق " أي : أصابهم حر الشمس ، وفي " القاموس " ضحى برز للشمس - وكسعى ، ورضي - أصابته الشمس ( من كل فج عميق ) متعلق بأمور ، أي : من كل طريق بعيد ( أشهدكم ) أي : أظهر لكم ( لهم ، فيقول الملائكة : يا رب ، فلان كان يرهق ) - بتشديد الهاء ، وفتحه ، ويخفف ، أي : يتهم بالسوء ، وينسب إلى غشيان المحارم ( وفلان ، وفلانة ) أي : كذلك يفعلان المعاصي ، وإنما قالوا ذلك تعجبا منهم بعظم الجريمة ، واستبعادا لدخول صاحب مثل هذه الكبيرة في عداد المغفورين . قال الطيبي - رحمه الله : قول الملائكة إما استعلام حال المرهق ، وإما تعجب ، وفيه من الأدب عدم التصريح بالمعائب ، والفجور ( قال ) أي : النبي ( يقول الله عز وجل : قد غفرت لهم ) أي : لهؤلاء أيضا ، وقد غفرت لهم جميعا ، وهؤلاء منهم ، وهم قوم لا يشقى جليسهم . قال الطيبي - رحمه الله : فإن الحج يهدم ما كان قبله ، وفيه تحقيق ذكرناه في محله . ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " فما من يوم ) : قال الطيبي - رحمه الله : جزاء شرط محذوف ( أكثر ) - بالنصب - خبر ( ما ) بمعنى " ليس " وقيل : بالرفع على اللغة التميمية ( عتيقا ) : تميز ( من النار ) : متعلق بعتيق ( من يوم عرفة ) : متعلق بأكثر ( رواه ) : أي : البغوي ( في شرح السنة ) ، ورواه ابن أبي الدنيا في فضل عشر ذي الحجة ، والبزار ، وابن خزيمة ، وابن منيع في مسنده ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم في مستدركه ، وفي رواية له فيه : " أما الوقوف عشية عرفة ، فإن الله يهبط إلى السماء الدنيا ، فيباهي بهم الملائكة ، فيقول : هؤلاء عبادي جاءوني شعثا يرجون رحمتي ، فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل ، وكعدد القطر ، أو الشجر لغفرتها لكم ، أفيضوا عبادي مغفورا لكم ، ولمن شفعتم له " .




الخدمات العلمية