الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

2602 - عن عائشة - رضي الله عنها ، قالت : كان قريش ، ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة ، وكانوا يسمون الحمس ، فإن سائر العرب يقفون بعرفة ، فلما جاء الإسلام أمر الله - تعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي عرفات ، فيقف بها ، ثم يفيض منها ، فذلك قوله عز وجل : ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس . متفق عليه .

التالي السابق


الفصل الثالث 2602 - ( عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان قريش ومن دان دينها ) أي : تبعهم واتخذ دينهم دينا ( يقفون بالمزدلفة ) أي : حين يقف الناس بعرفة ( وكانوا ) أي : قريش ( يسمون الحمس ) : جمع أحمس من الحماسة بمعنى الشجاعة ، وفيه إشارة إلى أنهم كانوا يفتخرون بشجاعتهم ، وجلادتهم ، مميزين أنفسهم عن جماعتهم ، وأهل جلدتهم ، وقائلين : بأنا أهل الحرم المحترم كالحمام ، فلا نخرج منه للوقوف كالعوام ( فكان سائر العرب ) يعني : بقيتهم ( ويقفون بعرفة ) على العادة القديمة والطريقة المستقيمة ، [ ص: 1805 ] ( فلما جاء الإسلام أمر الله - تعالى - نبيه - عليه الصلاة والسلام - أن يأتي عرفات ) متابعة للأنبياء الكرام ( فيقف بها ثم يفيض منها ) : قال الطيبي - رحمه الله : الإفاضة الزحف والدفع في السير ، وأصلها الصب فاستعير للدفع في السير ، وأصله أفاض نفسه ، أو راحلته ، ثم ترك المفعول رأسا حتى صار كاللازم . ( فذلك قوله عز وجل ( ثم أفيضوا ) أي : ادفعوا وارجعوا ( من حيث أفاض الناس ) : أي : عامتهم ، وهو عرفة ، وفيه إيماء إلى خروج المتكبرين عن كونهم ناسا ، فمن تواضع لله رفعه ، ومن تكبر على الله وضعه . قال البيضاوي - رحمه الله : الخطاب مع قريش ، أمروا بأن يساووا الناس بعد ما كانوا يترفعون عنهم ، و " ثم " لتفاوت ما بين الإفاضتين ، يعني : أن أحدهما صواب ، والآخر غلط ، وقيل : من مزدلفة إلى منى بعد الإفاضة من عرفة شرع قديم فلا تغيروه اهـ . والظاهر من الحديث أن الخطاب معه - عليه الصلاة والسلام - تعظيما له ، أو له ولأمته . ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية