الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5539 - حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني ابن لهيعة . ( ح ) . [ ص: 17 ]

                                                        5540 - وحدثنا يزيد بن سنان ، قال : ثنا أبو الأسود ، قال : حدثني ابن لهيعة ، عن موسى بن ورد ، أن سعيد بن المسيب ، قال : سمعت عثمان بن عفان يخطب على المنبر يقول ( : كنت أشتري التمر ، فأبيعه بربح الآصع ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا اشتريت فاكتل ، وإذا بعت فكل ) .

                                                        فكان من ابتاع طعاما مكايلة ، فباعه قبل أن يكتاله ، لا يجوز بيعه ، فإذا ابتاعه ، فاكتاله وقبضه ، ثم فارق بيعه ، فكل قد أجمع أنه لا يحتاج بعد الفرقة إلى إعادة الكيل وخولف بين اكتياله إياه بعد البيع قبل التفرق ، وبين اكتياله إياه قبل البيع . فدل ذلك أنه إذا اكتاله اكتيالا ، يحل له بيعه ، فقد كان ذلك الاكتيال منه ، وهو له مالك . وإذا اكتاله اكتيالا ، لا يحل له بيعه ، فقد كاله وهو غير مالك له . فثبت بما ذكرنا ، وقوع ملك المشتري في البيع بابتياعه إياه ، قبل فرقة تكون بعد ذلك . فهذا وجه هذا الباب ، من طريق الآثار .

                                                        وأما من طريق النظر ، فإنا قد رأينا الأموال تملك بعقود ، في أبدان ، وفي أموال ، وفي منافع ، وفي أبضاع . فكان ما يملك من الأبضاع ، هو النكاح ، فكان ذلك يتم بالعقد ، لا بفرقة بعده . وكان ما يملك به المنافع ، هو الإجارات ، فكان ذلك مملوكا بالعقد ، لا بالفرقة بعد العقد . فالنظر على ذلك ، أن يكون كذلك الأموال المملوكة ، بسائر العقود ، من البيوع وغيرهما ، تكون مملوكة بالأقوال ، لا بالفرقة بعدها قياسا ونظرا ، على ما ذكرنا من ذلك . وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد - رحمة الله عليهم أجمعين .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية