الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب العيب في الصرف قال - رحمه الله - : وإذا اشترى سيفا محلى بدراهم أكثر مما فيه ، وتقابضا ، وتفرقا ، ثم وجد بالسيف عيبا في نصله ، أو جفنه ، أو حمائله ، أو حليته ، فله أن يرده لفوات وصف السلامة المستحقة له بمطلق العقد ، فإن رده ، وقبله منه صاحبه بغير قضاء قاض ، فلا ينبغي له أن يفارقه حتى يقبض الثمن ; لأن الرد بعد القبض بغير قضاء قاض كالإقالة ، من حيث إنه يعتمد التراضي ، والإقالة في الصرف بمنزلة البيع الجديد ، في وجوب التقابض به في المجلس ; لأن الإقالة : فسخ في حق المتعاقدين بيع جديد في غيرهما ، فكان بمنزلة البيع الجديد في حق الشرع ، واستحقاق [ ص: 67 ] القبض في الصرف من حق الشرع ، فإذا فارقه قبل التقابض انتقض الرد في حصة الحلية ; لأنه صرف ، وفيما وراء ذلك ; لأن في تمييز البعض من البعض ضررا ، وله أن يرده عليه بالعيب ، كما له ذلك قبل الرد ; لأن ما كان منه ليس بدليل الرضا بالعيب ، ولو رده بقضاء قاض ، لم يضره أن يفارقه قبل قبض الثمن ; لأن الرد بالقضاء فسخ من الأصل ، فإن للقاضي ولاية الفسخ بسبب العيب ، وليس له ولاية العقد المبتدأ ، فهو بمنزلة الرد بخيار الرؤية ، ولا يضره أن يفارقه قبل قبض الثمن ، ألا ترى : أن البائع لو كان اشتراه من غيره ; كان له أن يرده على بائعه في هذا الفصل دون الأول ، قال : وله أن يؤاجره بالثمن ; لأنه دين له في ذمته بسبب القبض ، فإن عقد الصرف قد انفسخ ، والتأجيل صحيح في مثله كبدل الغصب ، والمستهلك بخلاف بدل القرض ، فإنه في حكم العين ، فإن كان حلي ذهب فيه جوهر مفضض فوجد بالجوهر عيبا ، فإن أراد أن يرده دون الحلي ، لم يكن له ذلك إلا أن يرده كله ، أو يأخذه كله ; لأن الكل كشيء واحد لما في تمييز البعض من البعض من الضرر ; ولأن الانتفاع بالبعض متصل بالبعض ، فهو نظير ما لو اشترى زوج خف فوجد بإحداهما عيبا ، ، وهناك ليس له إلا أن يردهما ، أو يمسكهما ، وكذلك لو اشترى خاتم فضة ، فيه فص ياقوت فوجد بالفص ، أو الفضة عيبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية