الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                السبب التاسع : الإسلام ، وهي الولاية العامة ; لقوله تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) ( التوبة : 71 ) .

                                                                                                                وفي الكتاب : إذا وكلت الدنية - كالمعتقة والمسكينة - أجنبيا في بلد ليس فيه سلطان أو فيه لكن يعسر وصولها إليه ، ولا ولي لها جاز ، ومن أسلمت على يديه أو أبوها لا يصير بذلك أولى من غيره ، وكذلك الكافل في الدنية . ولو وكلت ذات القدر غير وليها فزوجها فرضي الولي توقف فيه مالك ، وروى ابن وهب : يفرق بينهما بطلقة ، وإن دخل بها إلا أن يجيز الولي أو السلطان إن لم يكن لها ولي ، وقال ابن القاسم : إن أجاز الولي بالقرب جاز ، وإن فسخه بالقرب انفسخ أما بعد الطول والأولاد ، فلا إن

                                                                                                                [ ص: 241 ] كان صوابا ، قاله مالك ، وقال غيره : لا يجوز ، وإن أجازه الولي ، قال اللخمي : فيها خمسة أقوال : الثلاثة المتقدمة ، وروي إمضاؤه بالعقد ، وقال القاضي إسماعيل : الذي يأتي على مذهب مالك أن الدخول فوت ، وفي السلمانية : يفسخ ، ولو ولدت الأولاد .

                                                                                                                ولم يختلف المذهب أن ولاية الإسلام صحيحة ، وأن للولي منع وليته من الوقوع في المعرة ، ومنشأ الخلاف هل تقديم الولي الخاص على العام حق الله تعالى فلا تفيد الإجازة ، أو له فتفيد إجازته ؟ وعلى التقديرين فهل ذلك واجب أو مستحب .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                فلو وكلت أجنبيا فزوجها ، ولها وليان أقرب وأبعد فأجازه الأبعد ، ورده الأقرب رد بخلاف عقد الأبعد مع وجود الأقرب أنه لا يرد ; لأنه نكاح عقده ولي وهاهنا أجنبي ، فإن غاب الأقرب ، وأراد الأبعد فسخه بعث إليه السلطان ، وانتظره إن كان الغيبة قريبة ، وإلا فالسلطان يقوم مقامه في الرد والإجازة ، وهو أولى من البعيد ; لأنه وكيل الغائب .

                                                                                                                وفي الجواهر : إذا زوج بالولاية العامة مع الخاصة الإجبارية كالأب ، والسيد فسخ على كل حال ، وليس للأب والسيد إجازته لقوة حق ولاية الإجبار لله تعالى نظرا للمولى عليه ، وروي في السيد الإجازة تغليبا لحقه بسبب المالية ، وعنه رواية في الدنية لا تجوز بالولاية العامة مع الخاصة ، فإن لم تكن ولاية خاصة إلا ولاية الحكم منع الولاية العامة ، ولو في الدنية لئلا تضيع الفروج ، وجوزه مرة في البادية إذا كان صوابا ; لأنه ليس كل امرأة تصل إلى السلطان ، وروى ابن القاسم جوازه في الدنية ، وأنكره عبد الملك .

                                                                                                                [ ص: 242 ] إلا في العجمية الوغدة تستند إلى الرجل فيصير لها ناظرا في مصالحها كمولاته ، ثم حيث قلنا بالفسخ ، فلا عقوبة عليهما قبل الدخول ، والفسخ بطلقة بائنة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : إذا طلق الزوج قبل الإجازة ، وقع الطلاق ، ويتوارثان ، وينفذ الخلع بالمال ، وقال محمد : إن مات ورثته ، أو ماتت كان للولي منعه الميراث ، وهو يفسخ على القول بأن له الرد ، وإن كان صوابا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية