الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وذكر عن المسور بن مخرمة قال : وجدت في المغنم يوم القادسية طشتا لا أدري أشبة هي ، أو ذهب فابتعتها بألف درهم ، فأعطاني بها تجار الحيرة ألفي درهم ، فدعاني سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال : لا تلمني ، ورد الطشت ، فقلت : لو كان سهاما قبلتها مني ، فقال : إني أخاف أن يسمع عمر رضي الله عنه أني بعتك طشتا بألف درهم فأعطيت بها ألفي درهم فيرى أني قد صانعتك فيها ، قال : فأخذها مني فأتيت عمر رضي الله عنه فذكرت له فرفع يديه ، وقال : الحمد لله الذي جعل رعيتي تخافني في آفاق الأرض ، وما زادني على هذا ، وفيه دليل أن : لصاحب الجيش ولاية بيع المغانم ، وأنه ليس له أن يبيع بغبن فاحش ، وأن تصرفه فيه [ ص: 68 ] كتصرف الأب ، والوصي في مال الصغير ، ولهذا استرده سعد رضي الله عنه لما ظهر أنه باع بغبن فاحش ، وفيه دليل على ، أن الإمام إذا بلغه عن عامله ما رضي به من عدل ، أو هيبة فعله ، فإنه ينبغي له أن يشكر الله - تعالى - على ذلك ، فإن ذلك نعمة له من الله - تعالى - وكان عمر رضي الله عنه بهذه الصفة : تهابه عماله في آفاق الأرض ، وذلك لحسن سريرته على ما جاء في الحديث ، { من خاف الله خاف منه كل شيء } .

وإذا اشترى الرجل طشتا أو إناء لا يدري ما هو ، ولم يشترط له صاحبه شيئا ; فهو جائز ; لأن العقد تناول العين ، والمشار إليه : معلوم العين مقدور التسليم ، فيجوز بيعه ، ودل على صحة هذا حديث المسور بن مخرمة

التالي السابق


الخدمات العلمية